الطوباوي “بارتولو لونغو” Bartolo Longo من “كاهنٍ للشيطان”، الى “رسولٍ للورديّة المقدّسة ”.
"إنّ الخطأة المُرتدّين يُشكِّلون مجدي في السماء ". ( العذراء مريم ).
أعلنه القدّيس البابا يوحنا بولس الثاني، طوباويًا يوم ٢٦ تشرين الأول ١٩٨٠، مُطلِقًا عليه لقَب “رسول الورديّة”.
وُلد في ١٠ شباط ١٨٤١، في لانشيانو Lanciano – ( مدينة أعجوبة القربان الأقدس الأكثر شهرةً في العالم )، جنوب إيطاليا، وترعرع في عائلةٍ فائقة الثّراء، مُلتزمةً كاثوليكيًّا.
توفّي أباه وهو لا يزال في العاشرة من عمره، فتزوجّت أمّه محاميًا.
ثمّ درس القانون في جامعة نابولي الإيطالية.
خلال فترة الستينيّات، تعرّضت الكنيسة الكاثوليكيّة في إيطاليا لإضطهاداتٍ عنيفة.
فصار قداسة البابا بمثابة عدوٍّ للقوميّة الإيطاليّة، التي سَعتْ إلى الإطاحة بالبابويّة.
وإثر ذلك، إشترك العديد من طلّاب جامعة نابولي في إحتجاجاتٍ ضدّ الكنيسة المقدّسة والبابا.
فتأثّر “بارتولو” بأحد التيّارات المُتمرّدة، وأدّى به الأمر إلى التورّط مع جماعةٍ في عبادة الشيطان.
وبعد عدّة دراسات “شيطانيّة” ، صار كاهنًا للشيطان.
وقّع معه -أخزاه الله- عهداً بالدم .
بعد بضع سنوات، أدّت به هذه العبادة للشيطان إلى إكتئابٍ ويأسٍ شدِيدَين، والى حالة غضبٍ وإرتباكٍ، وأظهر عوراض المسّ الشيطاني.
وفيما هو وسط يأسه هذا، سمِع صوت أبيه المتوفّي في داخله يقول له : “إرجع إلى الله، إرجع إلى الله”.
فقَصد صديقه المؤمن Vincenzo Pepe ، ونَصحه بأن يترك هذه البِدعة الشيطانية، ودلّه على الأب الدومينيكاني “ألبرتو رادانتي” Alberto Radente الذي قاده نحو توبة كاملة، وإعترافٍ صادقٍ، وتغيير مسيرة حياةٍ جذريّة "
في إحدى الأمسيات، وبينما هو مارٌ بقرب كنيسة في بلدة “بومباي” Pompei (التي كانت قديمًا بؤر فساد ودنس وعبادة أصنام)، إنتابتهُ تجربة يأسٍ شديدة حيال خلاص نفسه -بالرغم من إرتداده- ( إنها إحدى أشرس تجارب الشيطان )، فيُخبر عنها:
<< بينما أنا أتأمّل في وضعي، شعرتُ بيأسٍ شديد، وكدتُ أنتحر. ثمّ سمعتُ صوتًا في أُذنيّ، صوت الأب “ألبرتو” يردّد كلمات العذراء: "إن كنتَ تطلبُ الخلاص، أُنشر عبادة مسبحة الورديّة.. هذا وعد العذراء نفسها ".
هذه الكلمات أنارت نفسي. فسقطتُ على رُكبتيّ واعدًا العذراء بأنني: “لن أتركَ هذا الوادي ( وادي الشقاء والدموع )، إلى أن أذيعَ ورديّتكِ” >>
فإنضمّ إلى رهبنة مار فرنسيس الثالثة للعلمانيّين، وإتّخذ إسم “روزاريو” Rosario، أي “ورديّة”.
ثمّ تزوّج كنسيًّا، وأسّس مع زوجته “فريق الورديّة للصلاة” ورمّم كنيسةً قديمةً في تشرين الأول ١٨٧٣… علّق في داخلها أيقونة الورديّة المقدّسة (وفيها القدّيسين عبد الأحد، والقدّيسة كاثرينا السيانيّة)، كان قد رمّمها أيضًا بنفسه.
وبعد بضع ساعات من تعليق الأيقونة المباركة، بدأت العجائب، وصار المؤمنون يتدفّقون بأعدادٍ هائلةٍ إلى الكنيسة الصغيرة.
وتجاه هذه الأعاجيب، طلب أسقف “نولا” منه أن يبني كنيسةً أكبر، قال عنها “روزاريو”:
“في هذا المكان الذي أختير بسبب أعاجيبه، نرغب بأن نترك للأجيال الحاضرة والمُستقبلة، تذكارًا لسيّدة الإنتصار، وسيكون أقلّ قدرًا لعظمتها، ولكن أجدر من إيماننا ومحبّتنا.”
إنّ الطوباوي بارتولو لونغو والقديس قبريانوس، هما قلّةٌ من السَحَرة المتعاقدين مع الشيطان، اللذان إستطاعا الإفلاتَ منه والعودة إلى أحضان الله في كنيسته، وذلك كلّه بفضل تدخّل العذراء مريم عدوّة الشيطان اللدودة وساحقة رأسه.
هذا ما كُشِفَ في كتاب " سرّ الوردية العجيب " للقديس لويس ماري غرينيون دو مونفور )، وهذا ما عاينّاهُ شخصياً من خلال خدمة التقسيم على الممسوسين التي نقوم بها للسنة الثامنة عشرة للتوالي.
تجدون مُلْحَقاً، عدّة صوَر لكاتدرائية سلطانةالوردية المقدّسة في بومباي- إيطاليا، من الخارج والداخل، وأيضاً جثمان الطوباوي بارتولو لونغو مُسجّى تحت أحد المذابح، حيث احتفلنا عدّة مرّاتٍ مع كهنة وأساقفة الحركة الكهنوتية المريمية، وجمهور المؤمنين بالذبيحة الإلهية.