ففي هذه البيئة أعدّ الله باسيليوس ليكون منارة في بيعة الله المقدّسة.
وبعثه أبوه إلى القسطنطينية فدرس الخطابة والفلسفة على الأستاذ الشهير ليبانيوس، ثم إلى آثينا حيث إنكبّ على الدرس وإمتاز بين أقرانه.
وهناك إلتقى بالقدّيس غريغوريوس النزينزي والأمير يوليانوس الذي صار فيما بعد ملكاً وحجد الإيمان ولقّب بالعاصي.
وكان باسيليوس مثابراً على الدرس، وزميله القديس غريغوريوس النزينزي، بكل ما أوتيه من حدّة الذهن، ونشاط الشباب.
وبعد أن تسنم منبر التدريس مدة في آثينا، عاد إلى وطنه، يدرس الفصاحة والبيان ويتعاطى المحامات، حتى أصبح قبلة الأنظار.
غير أنّ شقيقته أخذت تبيّن له أباطيل العالم فأصغى باسيليوس إلى كلام أخته القدّيسة.
واخذ بفلسفة الإنجيل المقدّسة.
فإنطلق إلى مصر لمشاهدة السيّاح في البراري ومعاشرتهم، فإستأنس بهم وأعجب بقداستهم، ثم زار الأماكن المقدّسة في فلسطين.
ثم إلتزم العزلة في قرية لعيلته، حيث كانت أمه وأخته مكرينا تعيشان عيشة شبه نسكية، فتنسّك هناك، ممارساً ما كان رآه في السياح في براري الصعيد، فتتلمذ له كثيرون، فأنشأ في البُنطوس ديرين، أحدهما للرجال والآخر للنساء.
وسنّ لهم قوانين شهيرة.
ثم رُسم كاهناً عام ٣٧٠.
وإستمرّ باسيليوس عائشاً كما كان في منسكه، مصلياً مبشراً بالإنجيل.
وفوق ذلك كان يدير شؤون الأبرشيّة، لعجز أسقفها أوسابيوس، فإشتهر بسموّ مداركه وحسن إدارته.
وبعد وفاة الأسقف أوسابيوس، أنتُخب باسيايوس خلفاً له على قيسارية، فأخذ يتفانى غيرة على الرعيّة.
فأنشأ مأوى للمرضى والغرباء وفي أيام المجاعة بذل كل ما يملك في سبيل الفقراء والمحتاجين، حاضاً الأغنياء على مساعدتهم بيد سخية.
وقد ترك هذا القدّيس العظيم، مؤلّفات قيّمة للكنيسة، منها النافور المعروف بإسمه عند الكنيسة الشرقية ولا سيما اليونانية.
وهو من ألمع علماء الكنيسة شرقاً وغرباً.
وبعد حياة، ملأى بأعمال البرّ والصلاح والجهاد الحسن رقد بالرب في أوّل كانون الثاني سنة ٣٧٩. وله من العمر إحدى وخمسون سنة.