رومانيّة شريفة النسب مزدانة بالفضائل والأخلاق الحسنة، قد ترمّلت ولها سبعة أولاد، ربّتهم أحسن تربية وعاشت معهم منعكفة على ممارسة الفضائل وأعمال الرحمة نحو الفقراء، حتى أضحت نموذجاً للأرامل وقدوة صالحة للمؤمنين.
وللوثنيين أنفسهم.
فأمرها الوالي يوليوس بأن تضحّي للأصنام هي وأولادها، فلم يذعنوا له، بل ثبتوا راسخين في إيمانهم.
فقال الوالي لفليجيتا أمهم :
إن كنت لا ترحمين ذاتك، فإرحمي أولادكِ.
فقالت: إنّ الرحمة التي تريد، إنما هي القساوة.
وإلتفتت إلى بنيها، تشجّعهم.
فأمر الوالي بضربها على وجهها بقساوة.
وإذ صمدوا ثابتين في إيمانهم قضوا عليهم بميتات متنوعة وأمهم تشاهدهم وتفتخر بإستشهادهم.
ثم لحقت بهم ترتع معهم بالمجد الأبدي.
وكان ذلك نحو سنة ١٥٢.
وقد مدح هؤلاء الشهداء البابا غريغوريوس الكبير في خطبته الثالثة، بقوله: أن أمّهم أعظم من شهيدة، لأنها إستشهدت سبع مرّات بإستشهاد أولادها أمامها.
صلاتهم معنا. آمــــــــــــين.
وفيه أيضاً :
تذكار الشهداء الموارنة المسابكيين فرنسيس وعبد المعطي ورفائيل الذين جادوا بحياتهم لأجل إيمانهم بالمسيح في دمشق سنة ١٨٦٠.
كانوا معروفين بتقواهم ووفرة غناهم وكرم أخلاقهم وحسن معاملتهم وعطفهم على الفقراء والمحتاجين.
وهذه خلاصة إستشهادهم.
عام ١٨٦٠، يوم ثار المسلمون في دمشق والدروز في جنوبي لبنان على المسيحيين، لجأ شهداؤنا، مع عدد كبير من المسيحيين، إلى دير الرهبان الفرنسيسكان في دمشق، عندما أضرم المسلمون النار في حيّ المسيحيين فدخل اللاجئون مع الرهبان إلى الكنيسة يصلّون وإعترفوا وتناولوا.
وظلّ فرنسيس وحده في الكنيسة، جاثياً أمام تمثال الأم الحزينة، يصلّي، رابط الجأش.
وبعد نصف الليل دخل الدير عنوة، جمهور من الرعاع، مدجّجين بالسلاح.
فذعر اللاجئون ولاذ بعضهم بالفرار وإختبأ البعض.
وهرع الباقون إلى الكنيسة ليحتموا بها.
فأخذ أولئك الرعاع يصرخون:
"أين فرنسيس مسابكي؟ إننا نطلب فرنسيس".
فدنا فرنسيس منهم، غير هياب، قائلاً لهم :
"أنا فرنسيس مسابكي ماذا تطلبون؟"
فأجابوه :
جئنا ننقذك وذويك بشرط أن تجحدوا الدين المسيحي وتعتنقوا الإسلام وإلّا فإنّكم تهلكون جميعكم.
فأجابهم فرنسيس :
"إننا مسيحيون وعلى دين المسيح نموت. إننا نحن معشر المسيحيين لا نخاف الذين يقتلون الجسد، كما قال الرب يسوع".
ثم إلتفت إلى أخوَيه وقال لهما :
"تشجّعا واثبتا في الإيمان ، لأنّ إكليل الظفر معدّ في السماء لمن يثبت إلى المنتهى".
فأعلَنا، فوراً، إيمانهما بالرب يسوع بهذه الكلمات :
"إننا مسيحيون ونريد أن نحيا ونموت مسيحيين".
فإنهال المضطهدون، إذ ذاك عليهم، بالضرب بعصيهم وخناجرهم وفؤوسهم، فأسلموا أرواحهم الطاهرة بيد الله، مؤثرين الموت على الكفر فنالوا إكليل الشهادة.
وكان ذلك في اليوم العاشر من تموز من السنة المذكورة آنفاً.
وقد أعلن السعيد الذكر البابا بيوس الحادي عشر تطويبهم في اليوم العاشر من ت١ سنة ١٩٢٦ بمسعى الطيب الأثر المطران بشارة الشمالي رئيس أساقفة دمشق الماروني.