ولد هذان القديسان في أوائل القرن السادس من أسرة شريفة ويُرجَّح أنّ موطنهما حمص.
تثقّفا ثقافة عالية، لكنهما كانا يزهدان في الدنيا وأباطيلها ويرغبان في الإتحاد بالله والسيرة في طريق الكمال المسيحي.
فمضيا إلى زيارة الأماكن المقدّسة.
وزارا الأديرة وشغفا بحياة سكانها فإعتنقاها وبلغا شوطاً بعيداً في طريق الكمال الرهبانيّ.
ثم إستأذنا الرئيس وإنفردا يعيشان، بجوار البحر الميت، عيشة الرهبان المتوحّدين، تسعاً وعشرين سنة.
وشاء الله أن يفترقا، فيبقى يوحنا في خلوته، وينهي حياته فيها بالبر والقداسة، ويعود سمعان بإلهام إلهيّ إلى ضوضاء العالم، متخذاً طريقة غريبة تحار فيها العقول وتكاد لا تصدقها لولا المستندات التاريخية.
وهي أنه رجع إلى أورشليم وتظاهر أمام الناس بالبله والجنون، فإحتقروه وأهانوه، كما فعل اليهود بالمسيح.
ولهذا لُقّب بسمعان سالوس أي الأبله أو المجنون.
ثم عاد إلى وطنه حمص وأخذ يتجوّل في الأزقة والشوارع ويعرّض نفسه للإهانة والسخرية.
وكان الناس يظنّونه فاقد العقل، فيشفقون عليه حيناً ويهزأون به أحياناً.
وكلما إزدادوا في إهانته وإحتقاره إزداد هو سروراً وضحكاً.
يقابل الشتم واللطم بدعة ولطف وتواضع.
وكان في حالته هذه عجيباً مهاباً معاً، حتى رد كثيرين من الخطأة إلى التوبة من رجال ونساء.
وكان لأحاديثه الهزلية ما يلذ السامع ويلج طيات القلوب ويحبب الفضيلة ويردع عن الرذيلة.
وكانت الشياطين تخرج من المعترين بمجرد حضوره ومشاهدته.
تلك كانت حياته الظاهرة المدهشة.
أمّا حياته الخاصة فلم تكن أقل عجباً.
فلم يكن لصلواته وتقشّفاته إنقطاع.
وقد شرّفه الله بصنع المعجزات وروح النبوءة.
وما إن طارت نفسه إلى السماء، حتى قام الشمّاس يوحنا يعلن أمام الجميع تلك القداسة المستترة تحت برقع البله والجنون، فهرع الشعب إلى ذلك الكوخ الحقير للتبرّك من ذلك الجثمان الطاهر الذي فاض بالمعجزات والبركات.