وكان أبوها يخشى عليها من مخالطة الناس، فجعلها في حصن ووفّر لها أسباب الراحة، ووضع لديها أصناماً من فضة وذهب لكي تتعبّد لها.
أمّا هي فحطّمت تلك التماثيل حباً للمسيح.
فغضب أبوها ووبّخها، فأجابت بكل سذاجة :
إنّ الأصنام ليست بآلهة ولا فائدة منها.
فتهدّدها بالعذاب والموت إن لم ترجع عن إيمانها وتكفر بالمسيح، فقالت، بكل شجاعة :
"أنت قادر، يا أبي ، أن تعذّبني وتعدمني الحياة، لكنك لا تستطيع أن تفصلني عن إيماني بيسوع المسيح وعن محبتي له".
حينئذ أمر بها فضربوها بالسياط ومزّقوا جسدها بمخالب من حديد حتى سالت دماؤها، وألقاها في السجن.
وفي الصباح مثلت أمام أبيها وقد شفاها الله.
فأمر أبوها بأن يعلّق في عنقها حجر وتطرح في البحر.
فخلّصها ملاك الربّ من الغرق.
فأرجعها أبوها إلى السجن ولشدّة غيظه وكمده وُجِد، عند الصباح ميتاً في سريره.
فخلفه والٍ إسمه ديون، كان أكثر شراً منه.
فإخترع لتعذيبها سريراً من حديد تحته نار تضطرم، فأتت الشهيدة من تلقائها وتمدّدت على ذلك السرير الناري، فلم ينلها سوء، بل كانت متهلّلة تسبّح الله، فقادها إلى هيكل الصنم أبولون لتسجد له، فأبت.
عندئذ ألقوها في أتون نار ثم في بئر فيها حيات وعقارب، فصانها الله من كل أذى.
لذلك آمن الجلّادون، وهتفوا صارخين :
"لا إله إلّا الذي يعبده المسيحيون".
وماتوا شهداء.
فأمر الوالي بقطع ثديي الشهيدة، فصرخت : "إنّ إلهنا في السماء، أما أوثان الأمم فما هي سوى فضة وذهب صنع البشر".
أخيراً علّقوها على خشبة ورموها بالسهام فنالت إكليل الشهادة سنة ٣٠٠ للمسيح.