ضاقت الحياة بإحدى السيّدات، ولم تعد تقدر أن تحتمل تلك الضيقة التي تواجهها، فوقفت فوق إحدى الجسور لتلقي بنفسها إلى النهر راغبة في الإنتحار.
جرى ذلك الحادث على جسر مزدحم بالسيارات، وسرعان ما سبّبت تلك السيّدة أزمة سير خانقة دامت ساعات عديدة.
نزل بعض السائقين من سياراتهم وقد إعتلى البعض منهم الخوف والقلق، أمّا البعض الآخر فإعتراهم الغضب والسخط، فأخذوا يصيحون بأصواتهم إلى تلك السيّدة قائلين: هيا أقفزي، أقفزي...
وفعلا قفزت السيّدة وهوت مسافة خمسين متراً إلى النهر، لكنها لم تمت بل إنتشلها مركب إنقاذ كان بإنتظارها في النهر.
بينما كانت هذه السيّدة تُشفى من الجروح والكسور بسبب سقطتها في المستشفى، تلقّت الكثير من البطاقات وباقات الورد من مواطنين يعبّرون عن أسفهم العميق لما حدث، ويطلبون المسامحة بالنيابة عن أولئك القساة القلوب الذين شجّعوها على الإنتحار.
لكن وفي الوقت نفسه، إتّصل بعض المواطنين بالإذاعات المحليّة وهم لا زالوا يعبّرون عن إنزعاجهم من تلك السيّدة، حتّى أنّ أحدهم قال :
"إن كانت تريد الإنتحار، فكان يوجب عليها أن تقصد مكاناً أقل إزدحاماً حتّى لا تزعج الآخرين."
أخي وأختي...
أحيانا، وفي وسط برنامج اليوم المزدحم، قد يعترض حياتك شخص له حاجة ملحّة.
قد يظهر هذا الشخص فجأة دون أي حساب.
قد يعطّل جدول عملك.
قد يأخذ من وقت راحتك.
قد يوقظك من النوم، لأجل إحتياج ملحّ لا بد أن يلبّى على الفور.
هكذا كان وضع الربّ يسوع عندما إعترضه يايروس طالباً منه أن يشفي إبنته المريضة.
كان ذلك في وسط يوم مزدحم بالأعمال والآيات.
لكن الربّ يسوع مضى مع يايروس، مع أنّ الجمع الكثير كان يزحمه.
وحتى قبل أن يصل الربّ يسوع إلى بيت يايروس، إعترضته أيضاً إمرأة بنزف دم منذ إثنتي عشرة سنة.
شُفيت المرأة عندما لمست يسوع، الذي أخذ الوقت الكافي لكي يقف ويسأل : "من لمس ثيابي؟"
ثمّ عندما تقدّمت له... طمأن قلبها قائلاً : "يا ابنة إيمانك قد شفاك، إذهبي بسلام وكوني صحيحة من دائك"
وبعد ذلك أكمل الربّ يسوع طريقه إلى بيت يايروس.
أخي وأختي...
قد يضع الربّ في طريقك شخصا ضعيفاً وضيعاً، بل يكاد يكون غير مهم في نظر المجتمع.
إنسان ضاقت به الحياة، وليس له سند. قد يُعطّل ذلك الإنسان برنامجاً معيناً وضعته لنفسك. قد يؤثّر سلبياً على هدف معيّن أردت أن تحقّقه. قد يراودك شعور قائلاً : ولماذا؟ لما يأتي لي أنا ؟ حينئذ، تذكّر كيف أعطاك الربّ يسوع مثلاً لكي تقتدي به.
تذكّر كذلك أنّ الربّ سيقول في اليوم الأخير: لأني جعت فاطعمتموني. عطشت فسقيتموني. كنت غريباً فآويتموني، عرياناً فكسيتموني. مريضا فزرتموني. محبوساً فأتيتم إليّ. الحقّ أقول لكم بما أنكم فعلتموه بأحد أخوتي هؤلاء الأصاغر فبي فعلتم. فأتيتم إليّ. الحق أقول لكم بما أنكم فعلتموه بأحد أخوتي هؤلاء الأصاغر فبي فعلتم.