كان هناك رجل غني كان له إبن وحيد وكانت تجمع بينهما هواية مشتركة وهي إقتناء اللوحات الفنيّة النادرة لكبار الرسّامين مثل "بيكاسو".
وفي يوم تمّ إستدعاء الإبن إلى الجيش وذهب إلى ميدان المعركة وكان هذا الإبن يتميّز بالشجاعة والإقدام لدرجة أنّه ضحّى بحياته ومات لينقذ حياة زميل له.
وحزن الأب حزناً شديداً على موت إبنه الوحيد وقبل عيد الميلاد بعدّة أيّام سمع طرقاً على باب البيت ففتح الباب ورأى شاباً يحمل في يده لوحة كبيرة مغطاة.
وقال الشاب: ياسيّدي أنتَ لا تعرفني ولكنّي أنا الشاب الذي مات إبنك لينقذ حياته.
لقد إستقرت رصاصة في قلبه عوضاً عنّي وفدي حياتي يا سيّدي ولقد كان إبنك يحبّك كثيراً ويتحدّث عنك وعن مدى حبّك للفنّ لذلك دعني أقدّم لكَ هديّة بسيطة أرجو أن تقبلها منّي لقد صنعتها بيدي رغم أنّي لستُ رسّاماً ماهراً وكشف غطاء اللوحة، فوجد الأب صورة رائعة لوجه إبنه.
فإغرورقت عيناه بالدموع وأخذ هذه اللوحة شاكراً وعلّقها في غرفته، وكان الأب يعتزّ بهذه اللوحة أكثر من كل اللوحات التي يمتلكها.
ثمّ بعد شهور قليلة مات الأب.
وطلب عدد كبير من المهتمّين بالفن أن يشتروا لوحاته، فتمّ تحديد موعد لعمل مزاد كبير على هذه اللوحات.
وفي الموعد المحدّد إكتظّت قاعة المزاد بالحاضرين، وكل منهم يتطلّع لإقتناء إحدى هذه اللوحات الثمينة وفتح المزاد، ووقف مدير الصالة ليعلن بدء المزاد بعرض صورة الإبن للبيع ونادى قائِلاً : من يريد أن يشتري الإبن.
وكان هناك صمت في القاعة فنادى ثانية من يشتري الإبن؟ من يشتري الإبن؟
ثمّ حدّد سعرآ رخيصآ للّوحة ، ونادى ثانية مائة دولار من يشتري الإبن بمائة دولار؟
وصاح أحد الجالسين قائِلاً : نحن لم نحضر لشراء الإبن فلا تضيّع وقتنا نريد شراء اللوحات الأخرى.
وإنتشر الصياح في القاعة "لا نريد الإبن... لا نريد الإبن"
ولكن مدير الصالة أصرّ على بيع الإبن وصاح "من يشتري الإبن"وهنا وقف رجل فقير يرتدي ثياباً بسيطة وقال: أريد شراء الإبن ولكن لا أملك إلاّ عشرة دولارات.
فأخذ مدير الصالة العشرة دولارات وأعطاه لوحة الإبن وإنتظر الحاضرون أن يستمر المزاد.
ولكن مدير المزاد أعلن أنّ المزاد قد إنتهى.
لقد كانت هناك وصيّة كتبها الأب : "أنّ من يشتري صورة الإبن يحصل على كل الميراث واللوحات والمقتنيات".