فوجئ جزّار بكلب صغير يدخل عليه فسارع على طرده ثمّ عاد الكلب مرّة أخرى وفي فمه ورقة صغيرة كتب عليها من “فضلك أريد فخذاً من اللحم ونصف كيلو من الكبدة”!
وكان الكلب يحمل في فمه أيضاً المبلغ المطلوب!
دهش الجزّار لما يراه, لكنه إستجاب لما طلب منه, وعلى وجهه علامات الذهول, ووضع الطلب في كيس علّق طرفه في فم الكلب.
وبدافع الفضول قرّر الجزّار غلق محله وتتبّع الكلب الذي كلّما وصل إلى نقطة عبور مشاة توقّف حتّى تضيء الإشارة باللون الأخضر.
وعندما وصل إلى محطة للحافلات راح ينظر نحو لوحة مواعيد وصول الأتوبيسات ثمّ قفز إلى الأتوبيس القادم فور توقفه.
وقد لحقه الجزار- من دون تردّد- وجلس على مقربة منه, ولمّا إقترب الموظّف لجمع التذاكر من الكلب أشار له الكلب إلى تذكرة بلاستيكية علقت في رقبته إكتفى الموظّف بالنظر إليها ثمّ واصل سيره.
لم يصدّق الجزّار وباقي الركّاب ما يرون.
وعند إقتراب الباص من المحطّة القريبة للوجهة التي كان يقصدها الكلب, توجّه إلى المقعد المجاور لسائق الباص وأشار إليه بذيله أن يتوقّف.
وأمام المحطّة نزل الكلب بثقة كما ينزل كل الركْاب, فآنطلق نحو منزل قريب حاول فتح بابه فلمّا وجده مغلقاً إتجه نحو النافذة وراح يطرقها.
في أثناء ذلك, رأى الجزّار رجلاً ضخماً يفتح باب المنزل صارخاً وشاتماً في وجه الكلب ثمّ لم يكتفِ بهذا, بل ركله بشدّة كأنّما أراد تأديبه.
ولم يتمالك الجزّار من المشهد فأسرع إلى الرجل صارخاً :
أليس في قلبك رحمة..؟ إنّ كلبك أذكى كلب شهدته.
قال الرجل ساخطاً : هذا الكلب ليس ذكياً بل هو عين الغباء, فهذه هي المرّة الثانية في هذا الأسبوع التي ينسى فيها مفاتيح المنزل!
عزيزي القارئ...
القصّة ليست للتسلية بل مغزاها أنّ هناك من يعمل بجدّ وإجتهاد وأمانة وإخلاص وقد يكون همّه لإسعاد غيره لكنّه للأسف لا يجد التقدير أو على الأقلْ كلمة شكراً.