في إحدى ليالي أعياد الميلاد دخل القدّيس هيرونيمس الملفان العظيم في بيت لحم وشرع بتأمّل سر ولادة مخلّص العالم ، فظهر له بغتة يسوع الطفل محفوفاً بأنوار بهيّة وألقى عليه نظرات سماويّة تشف عن رقّة عجيبة لا يتجرأ اللسان البشريّ أن يصف سموّها ، وجرت بينهما هذه المخاطبة المؤثّرة وهي :
قال يسوع : ألا يا هيرونيمس ، ماذا تعطيني في ميلادي؟
فقال هيرونيمس : أيّها الطفل الإلهيّ ها أنذا أعطيك قلبي.
قال يسوع : حسناً ، لكن هب لي شيئاً آخر.
قال هيرونيمس : أقدّم إليك جميع صلواتي وعواطف قلبي المغرم بمحبّتك المقدّسة.
قال يسوع : حسناً ... حسناً
قال هيرونيمس : حسناً كل مالي وكل ما أنا عليه أهبك نفسي بجملتها يا حبيبي.
قال يسوع : أريد أن تعطيني شيئاً آخر.
قال هيرونيمس : لم يبقَ لي شيء آخر يا إلهي ، فتنازل وقل لي أي شيء تريد أن أقدّم إليك.
قال يسوع : ألا يا هيرونيمس أعطني خطاياك.
قال هيرونيمس : ماذا تروم يا إلهي أن تفعل بها؟
قال يسوع : أعطني خطاياك لأغفرها لك بكليّتها.
قال هيرونيمس : آه ما ألطفك با يسوع المحبوب ، فإسمح لي أن أسكب على قدميك عبرات التعزية والفرح.
فهاجت إذ ذاك عواطف الحب في قلب القدّيس هيجاناً لا يوصف ولم يتمالك أن أفاض الدموع الغزيرة.