إنطلق شوقي إلى الغابة يحمل معه فأسه، وإذ قطع بعض الأخشاب ليبيعها وينفق على زوجته وأولاده، وكان الجو حارًا جدُا، صار العرق يتصبّب من جسده فبعد ساعات شعر بأنّ رجليه وذراعيه قد أُرهقت للغاية، فألقى بفأسه، وجلس على الأرض وهو متذمّر جدًّا.
قال في نفسه : "لِمَ ولدت من عائلة فقيرة تعيش على قطع الأخشاب؟!
هوذا ظهري قد إنكسر من العمل طول النهار، ورجليّ وذراعيّ ضعفت للغاية.
طعامي الخبز الجاف وبعض البقول، لم أذق اللحم قط!
أعيش كعبد لا يملك شيئًا، ليس للذهب موضع في كوخي".
إذ إضطربت نفسه جدًّا ومع الإرهاق الشديد نعس وهو جالس على الأرض، فإذا به يرى في حلم شابًا جميل المنظر، وجهه يضيء كالكوكب، وفى يده قضيب من ذهب.
قال له الشاب : "لقد سمع اللَّه تنهداتك ومرارة نفسك. لقد أرسلني إليك أسألك لماذا أنت متذمر، فإنه سيهبك ما تطلبه".
قال الحطّاب :
"شهوة قلبي أن ما ألمسه يصير ذهبًا".
إبتسم الشاب وقال له : "لقد منحك اللَّه طلبتك!".
ثم لمس الشاب بقضيبه الذهبي. إندهش الحطّاب لما قال له الشاب ذلك، ظانًا أنّ هذا ليس إلّا مزاح.
لكن سرعان ما إختفى الشاب.
أمسك الرجل بفأسه فإذا بها صارت ذهبية. تهلّلت نفسه جدًا.
صار يمسك الحطب الذي قطعه، فتحوّل إلى قطع ذهب.
لم يصدّق الرجل نفسه، فإنّه حتماً سيصير أغنى إنسان في العالم.
صرخ الرجل متهللًا مناديًا لعلّه يأتي من حوله يحملون له الذهب الذي بلا حصر.
شعر الرجل بالظمأ، فأمسك بالإناء الفخاري، فصار أناءً ذهبيًا، وإذ أماله نحو فمه ليشرب وجد الماء قد تحول إلى ذهب.
إشتدّ به الظمأ جدًا وشعر أنه يموت حتمًا من الظمأ.
لم يعرف ماذا يفعل، فصار يصرخ إلى اللَّه كي يخلّصه مما هو عليه.
فجأة إستيقظ الحطّاب ليجد نفسه بجوار إنائه الفخّاري، فشكر اللَّه أنّ ما رآه لم يكن إلاّ حلمًا.
أمسك بالإناء يُقبله ويشرب منه وهو يشكر اللَّه على ما هو عليه!
وعاد حاملًا الحطب بفرح وسرور، ولم يعد للتذمّر موضع في حياته.
* أشكرك يا إلهي على كل الأحوال. ليس من يهتم بي مثلك. أنت هو الأب السماوي الحكيم، المدبر لكل أمرٍ، حتى شعر رأسي مُحصى أمامك.
* نفسي تباركك مدى الحياة، لما ألمسه من بركات، وما أتمتع به من عطايا دون أن أعرفها!
* إذهب حيثما تشاء، فإنه يراك. أنر سراجك، فإنه يراك.
أطفئ نوره، فإنه يراك.
خف ذاك الذي يتطلع إليك على الدوام.
إن أردت أن تخطئ، فإذهب إلى موضع لا يمكنه أن يراك فيه، عندئذ إفعل ما تريد.
"شُكْرًا ِللهِ عَلَى عَطِيَّتِهِ الَّتِي لاَ يُعَبَّرُ عَنْهَا" (رسالة بولس الرسول الثانية إلى أهل كورنثوس ٩: ١٥)