كان " ريمون " سيئ الحظ جداً, فقد مات أبوه في الحرب وهو طفل ، ولمّا وصل إلى سنّ السابعة حدث زلزال دمّر أغلب المدينة ، ولكنه نجا من تحت الأنقاض وهو يلفظ أنفاسه الأخيرة.
ولمّا تم إنقاذه طلبت السلطات من إي أسرة أن تأخذه عندها ، فأخذته أسرة مكونة من خمسة أفراد ، ولكن سرعان ما مات الوالد ، فطلبت الأم من " ريمون " في خجل أن يبحث له عن مكان آخر ولكن الله الذي لا ينسى أحد ، لم ينساه ، فأرسل له فلّاح عجوز فقير ولكنه حكيم جداً ،عرض عليه أن يقبله عنده رغم فقره وإحتياجه.
لم يجد " ريمون " إي بديل للقبول ....
إستطاع الفلّاح أن يدخل " ريمون " إلى مدرسة القرية ، ولكن كان " ريمون " يعود حزيناً من المدرسة.
لاحظ ذلك الفلّاح الحكيم ففاتحه في الأمر ، فقال له " ريمون " : أنّ التلاميذ الآخرين ينظرون له بإحتقار ، فملابسه قديمة وشكله يوحي بالفقر وأنه غريب بالنسبة لهم .... ولهم حق في ذلك فإنه إنسان ليس له فائدة في الدنيا .... كلما تنفرج أزمة يصاب بأشدّ منها .... لماذا يعيش؟! وإنفجر باكياً ، فقال له الفلّاح بعد أن طيّب خاطره : عندي وصفة سحريّة ستجعل حياتك سعيدة إن وعدتني بإتباعها سأضمن لك السعادة.
أشرقت عينا " ريمون " وقال له : أعدك . قال له الفلاح الحكيم : ساعد كل إنسان محتاج للمساعدة دون أن تنتظر منه شيئاً.
إندهش " ريمون " من هذه الوصفة السحريّة العجيبة ، كيف تجلب السعادة ، ولكنه صمّم على تنفيذها.
ذهب للمدرسة وأعطى كراسه لزميله الذي غاب عن المدرسة لمرضه وعرض عليه أن يشرح له الدروس ، وحمل حقيبة زميله المعوّق وأوصله لبيته ، وإشترى الخبز لسيّدة عجوز ، ورجع بيته وهو راضي عن نفسه .
وظلّ يبحث ، كل يوم ، عن كل محتاج ليقدّم له خدمة ، وأحبّه الجميع وأصبح أشهر شخص في القرية الصغيرة . وتوالت السنوات وحقّق نجاحاً كبيراً وأصبح عالماً مشهوراً وآستطاع أن يكتشف دواء أفاد الملايين من البشر ، وشعر بالسعادة الغامرة ، هل تعرف لماذا شعر بالسعادة ؟ لأنه نسى نفسه وهمومه ومشاكله وفكّر في الآخرين وسعد بإسعادهم .
يا صديقي...
هل حاولت مرّة أن تسعد شخص ، أو تسأل عن حزين ، أو تبتسم لإنسان بائس ، أو تقدّم خدمة بسيطة لمحتاج ؟
ثق إنك عندما تفعل ذلك ستشعر بالسعادة ، وستدرك معنى حياتك ، ولن تسأل ذلك السؤال "لماذا أعيش ؟"
"لا تنظروا كل واحد الى ما هو لنفسه بل كل واحد الى ما هو لاخرين ايضا " ( في ٢ : ٤)