من أجمل الروايات التي كتبها "الأديب طه حسين" كانت رواية إسمها "شجرة البؤس" و لمن لم يقرأها فهي تحكي عن شاب و شابة تزوّجا عن طريق أهلهم الذين كانت تربطهم صداقه و علاقة عمل ...
تزوّجا و رغم قبح زوجته الشديد فإنّ الزوج لم يرَ إمرأة سواها و لم يعرف زوجة غيرها فلم يتذمّر يوماً من قبح زوجته الشديد... بل ربما لم يخطر بباله يوماً أنها قبيحة.. هى زوجته و كفى... يحبّها بشدّة لأنها تمثل له السكن و المودّة و الرحمة و التراحم فلم يفكّر يوماً إن كانت جميلة أو قبيحة هو يحبها لأنها زوجته و هذا كاف بالنسبة له...
مرّت الأيام و ولدت الزوجة طفلة تشبهها في قبحها الشديد و لكن فرحة الزوج كانت عارمة فقد رزقه الله إبنة...
و قد صارت قرّة عينه و شغله الشاغل..و عاش الزوج و زوجته و طفلتهما سعداء و أغدق الأب إبنته في الدلال و الحب حتى لم ينقصها حباً و لا رعاية...
ثم جاء اليوم الذي وضعت فيها زوجته طفلة أخرى.. و لكنها هذه المرّة بارعة الجمال...
و للمرّة الأولى يرى الزوج ما لم يراه من قبل!!!!
أنارت له طفلته الجديدة عينيه فيرى للمره الأولى كم أنّ زوجته شديدة القبح هي و إبنته الأولى مقارنة بطفلته الثانية...
و منذ تلك اللحظة بدأ يزرع بذرة البؤس فى بيته حتى تتملك شجرة البؤس بيته... فلم يعد سعيداً كما كان!!!!
لم تعد زوجته الحبيبة ترضيه و لم يملك إلاّ أن ينفر من طفلته الأولى و هو ينظر لطفلته الثانية رائعة الجمال....
تكبر شجرة البؤس و تنمو يوماً بعد يوماِ و تنتهي القصّة بإستمرار بؤس تلك الأسرة عندما تحلّ على الزوج لعنة المقارنة بين طفلتيه فيبدأ في التفريق في المعاملة بينهما و يتغيّر في معاملته لزوجته التي لا ذنب لها سوى أنّها ولدت طفلة تشبهها في قبحها و طفلة بارعة الجمال.....
أتذكّر تلك الرواية كلما أطلق أحدهم السؤال الخالد :
ترى ما هو سر السعادة فى الدنيا؟؟؟
الحقيقة أنّ كلّ إنسان يصنع سعادته بنفسه عندما ينظر دائماً للجانب المشرق فى كل أمر فى حياته..
عندما يرضى بما قسمه الله له و يتعامل معه على أنه أفضل شيئ له...
ذلك الزوج فقد السعادة في اللحظة التي تخلّى فيها عن رضاه عما يملك...
ربما كانت زوجته قبيحة.. لكنها صالحة... ربما له إبنة قبيحة لكنها تحبه...
لم ينظر للحظة أنّ الله أكرمه بطفلة ثانية جميلة و هي نعمة من الله...
لقد نسى نعمة الله عليه و تعامل معها على أنّها أظهرت له شيئاً ينقص حياته...
عزيزي القارئ...
لقد قسّم الله الأرزاق للناس و لم يعطِ أحداً كل شيئ... ليساعد الناس بعضهم بعضاً و يكملوا بعضهم بعضاً.... (وهناك زوجات تزرع أيضاً بذرة البؤس في حياتهنّ وبيوتهنّ )
فإن كنت تبحث عن السعادة فكفّ عن المقارنة بين ما تملك و ما لا تملك... كفّ عن إحصاء ما يملكه غيرك و ليس عندك و أبداً في عد ما منحه الله لك و أرضى به... فالرضا في حدّ ذاته فضلاً و نعمة..