وكان جمالها يفوق الوصف، وكانت عفيفة طاهرة لأن أبويها أدّباها تأديباً حسناً بحسب شريعة موسى.
قد علق بهواها شيخان من مشايخ إسرائيل القضاة.
فإحتالا حتى صادفاها وحدها تغتسل في بستانها.
فوقعا عليها بغته وأرادا مواقعتها، فنفرت من ذلك غاية النفور.
فتهدّداها أنهما يتّهمانها بالزنى إن لم تواقعهما. فقالت العفيفة سوسان : "خير لي أن تتهماني من أن أخطأ أمام الرب". وصرخت بصوت عظيم، فتراكض أهل بيتها فقال الشيخان أنهما رأياها في ريبة مع أحد الشبان، وشهدا عليها هكذا أمام شعب إسرائيل. فحكموا عليها بالقتل رجماً.
فصاحت بصوت عظيم وقالت : "أيّها الإله الأزلي البصير بالخفايا العالم بكل شيء قبل أن يكون، إنك تعلم أنهما شهدا عليّ زوراً، وها أنا أموت ولم أصنع شيئاً ممّا أُفتري به عليّ".
فإستجاب الربّ لصوتها. وإذ كانت تساق إلى الموت، دفع الروح القدس طفلاً إسمه دانيال، فصرخ بصوت عظيم : "أنا برء من دم هذه!" فإلتفت إليه الشعب كله وقالوا : ما هذا الكلام الذي قلته؟ فوقف في وسطهم وقال : "أهكذ أنتم أغبياء، يا بني إسرائيل ، حتى تقضوا على بنت إسرائيل ، بغير أن تفحصوا وتحقّقوا، عودوا إلى القضاء، فإنّ هذين إنما شهدا عليها بالزور".
فأسرع الشعب كله ورجع.
فقال لهم دانيال : فَرِقّوهما فأحكم فيهما، فلما إنفصل الواحد عن الآخر، دعا أحدهما وقال له: إن كنت رأيتها، فقل لي، تحت أي شجرة رأيتهما يتحدثان؟ فقال تحت الأكاسيا. ثم نحّاه وأمر بإقبال الآخر، وقال له: قل لي تحت أية شجرة صادفتهما يتحدثان؟ فقال: تحت السنديانة.
فصرخ المجمع كلّه بصوت عظيم، باركو الله المخلّص الذي يرجونه.