السؤال أعلاه يطرحه أشخاص أبرياء تأذوا ولا ذنب لهم.
ويترافق سؤالهم بملامة لله ونقمة عليه. وجوابنا كالآتي:يقول الكتاب إن الله "يطالب بالدماء".
وهو يطلب دم كل نفس بريئة ليجري عدالته، كما قال الله لقايين: "إن دماء أخيك صارخة إلي من الأرض"، أي أن دماء هابيل المقتول ظلما تصرخ إلى الله مطالبة بالعدالة. وقد قال الله: "لي الانتقام وأنا أجازي".
فالله وحده ينتقم للمظلوم من الظالم، ويكافئ المظلوم ويعوضه عن ظلامته، في هذه الحياة أو في الحياة الأخرى، فلا مظلوم إلا وينصفه الله، ولا ظالم يفلت من عقوبة الله، لأن الله ليس عنده ظلم.
أما لماذا وقعت الأذية فلأن الشر موجود في العالم، الذي هو تحت حكم إبليس كما يقول القديس يوحنا.
والله غالبا لا يتدخل ليردع الشر، لكنه يمهل ولا يهمل. فهو لم يتدخل ولا حتى في غمرة آلام يسوع، حتى إن يسوع بطبيعته البشرية هتف: "إلهي إلهي لماذا تركتني"؟
والفكرة الأساس في كل ما ورد أعلاه هي أن الله آخر الأمر يغلب الشر. ففي النهاية قام يسوع من الموت وتغلب على كل المظالم والشرور التي أصابته من أعدائه، وغلب إبليس الذي كان وراء جميع تلك الشرور.
فالله قادر أن يبطل كل أعمال إبليس وما على المظلوم سوى أن يقدم ظلامته لله من دون نقمة وحقد على الذين آذوه.
وبالتسليم لله والتوبة الحقيقية العميقة والصلاة، الله قادر أن يكسر شوكة الشر وينقض الظلامة ويعوض عنها ويبطل تأثيراتها وما نتج عنها من أذية للنفس والجسد والحياة، وأن يكافئ المظلوم الصابر على الأذية.
هذا هو رجاؤنا. فلا نعاتب الله إذن ولا ننقم عليه.
وقد أكد لنا القديس يوحنا هذه الحقيقة الناصعة بقوله:
"من يعمل الخطيئة هو من إبليس لأن إبليس خاطئ منذ البدء (أي أن الشر موجود وفاعل منذ بدء الخليقة). ولهذا ظهر ابن الإنسان لينقض أعمال إبليس" (١ يوحنا ٨:٣).
فالله لا ينصف المظلوم وحسب، ويعوضه عن الأذية والظلامة، بل ويكافئه لأجل تسليمه لله ورجائه وثباته في الإيمان، ويعوضه عن الألم الذي عاناه ظلما. وهكذا تقدس كثير من القديسين، بصبرهم على الألم والظلم والأذية، وبتوبتهم وصلاتهم وتسليمهم وشكرهم لله الذي "يجعل جميع الأمور، حتى المؤلم منها، تعمل معا لخير الذين يحبونه" ( رومة ٢٨:٨).