قال الربّ : "خذوا كلوا. هذا جسدي. إشربوا من هذا كلّكُم. هذا دمي".
بهذا حوَّلَ الخبز إلى جسده والخمر إلى دمه وأسّس سرّ الأفخارستيّا، فكانت أوّل ذبيحة إلهيّة.
وبذلك أيضًا أسّس سرّ الكهنوت وكان هو الكاهن الأوّل.
وبقوله: "إصنعوا هذا لذِكري" أعطى الرسل سلطان الاحتفال بالذّبيحة، أي أقامهم كهنةً. وقولُه "حتّى مجيئي" يتطلّب إقامة كهنة بعد موت الرسل، ومن جيل لجيل حتّى انتهاء الدّهر.
وهو قال "إصنعوا هذا لذكري" ثم ناولهم، وعندما تناولوا كانوا قد تلقّوا سرّ الكهنوت، ولا ضَيرَ إن تناولوا باليد لأنّهم صاروا كهنة.
وقولُه "إصنعوا هذا لذكري" لا يلغي ما أعلنه أنّ الخبز هو جسده والخمر هو دمه، وليس الاحتفال الافخارستيّ مجرّد ذكرى، تنفي تحويل الخبز والخمر كما يزعم الإنجيليّون.
ولو كان الأمر مجرّد ذكرى لما قال بولس الرسول إن من يتناول عن غير استحقاق يأكل ويشرب دينونة لنفسه ودعانا لأن نحاسب أنفسنا قبل التّناوُل.
لا يقيم الذّبيحة إلًا من عنده سرّ الكهنوت. أما وقد ألغى الإنجيليّون سرّ الكهنوت فهم ألغوا بذلك سرّ الأفخارستيّا (وكذلك سرّ الاعتراف).
فهم يحتفلون بمجرد ذكرى لا تحوّل فيها للخبز والخمر وقد حرموا أنفُسهم من أثمن ما منحنا إيّاه الربّ، أي من جسده ودمه الإلهيّين.
أما نحن فنشكر الربّ إلهنا لأجل سرّ الكهنوت المقدّس ولأجل سرّ الأفخارستيّا الإلهيّ، ونمجده ونسجد له إلى الدّهور.