خذني معك يا رب بعد تلك الأيام الستة، بعد أيام عمري التي ذهبت كالريح وطويت الى غير رجعة، عملت ما استطعت، زرعت ربما البذور الصالحة وربما الزؤان بين القمح في حقلي وفِي حقل غيري، ربما كانت أيّامي الستة كغبار ثقيل لا خلق فيها ولا إبداع على هذه الارض، إرفعني معك الى جبل قدسك كي أعاين تجلّيك فيّ وأفرح برؤية بهاء مجدك، إفتح عيون قلبي لان تلك الغبار حجبت عنّي نورك البهي...
أراك حاجتي الوحيدة بعد إنقضاء أيّامي الستة، لي رغبة شديدة تعصف في داخلي لألقاك منفرداً في غربتي، في وحدتي، في شقائي، في يأسي، في أعماقي.... إفتح عيون قلبي لأراك متجلياً في يومي السابع، فأستريح فيك...
في أيّامي الستة رأيتك مصلوباً مشوهاً "كعرق من أرض يابسة، لا صورة لك ولا جمال فأنظر إليك، لا منظر فأشتهيه..."(إش ٥٣ / ٢) لكني أعرف أنك تتفوق على كل جمال لا بل الابرع من بني البشر (مز ٤٥)، سمعت انك "محتقر ومخذول من الناس" (إش ٥٣ / ٣)، لكنّي أعرف أنك مشتهى نفسي ومشتهى كل الأمم.
أصعدني اليوم معك الى قمة مجدك، الى جبل قدسك، أريد أن ألقاك وجهاً لوجه، فاذا نظرت في وجهك أرى مجدك متجلياً بألوان باهرة أشد إشراق من الشمس.... ساعتئذٍ يكفيني أن أسمّر عيناي في وجهك وأستريح في يومي السابع الى الأبد...
أصعدني اليوم معك الى قمة مجدك، لأرى ثيابك تلمع كالثلج، ربما أتعرف الى ذاك القصّار السماوي الذي غسلها وبيّضها الى حدّ لا يستطيع أي قصّار في الارض أن يبيّض مثلها، ربما يصنع كذلك في أفكاري السوداء ونفسيتي المتسخة فيصنع بها كما صنع لثيابك، فيغفر خطيئتي ويطهرها بدمائك فتبيض أكثر من الثلج...
في أيّامي الستة بحثت طويلاً عن مظال من صنع البشر، لأضمن حمايتي... مظلّة العمل... مظلّة الأجر المرتفع.... البيت... السيّارة.... المعارف... الأصدقاء... التأمينات... التقرب من أصحاب القرار... الشهادات... كانت كلها تحجب نورك وتزيد أيّامي ظلاماً... لست بحاجة بعد اليوم الى مظال بشرية، يكفيني أنك مظلتي... وكما ظللت العذراء مريم برحمتك "وقوة العلي تظللك"... أغمرني بحنانك وظللني بحبك فأعاين مجدك بوجه مكشوف أتغير أنا ذاتي إلى تلك الصورة عينها (٢ كور ٣ / ٨).