لماذا الأطفال هم الأعظم في ملكوت السموات؟!
وكيف يعود الإنسان الكبير طفلاً؟!
وكيف يمكن للطفولة أن تكون شرطاً لدخول الملكوت؟!
الأطفال يثقون ويُصدقون ويُطيعون كلام والدهم دون تشكيك أو رفض أو عصيان ومن يُحب الرب يسمع كلامه ويعمل به..
"اَلَّذِي عِنْدَهُ وَصَايَايَ وَيَحْفَظُهَا فَهُوَ الَّذِي يُحِبُّنِي، وَالَّذِي يُحِبُّنِي يُحِبُّهُ أَبِي، وَأَنَا أُحِبُّهُ، وَأُظْهِرُ لَهُ ذَاتِي»."
(يو ١٤: ٢١)
الأطفال صادقون في مشاعرهم يبكون دون مواربة ويضحكون دون تمثيل ولا يشعرون بالكبرياء أو الحسد أو الضغينة ولا يسعون لإيزاء الأولاد الآخرين بل يلعبون ويفرحون معاً أغنياء وفقراء ذكورا وإناث دون مفاضلة فيما بينهم ودون تكلّف في التواضع، فهم هكذا بسطاء صادقون ومتواضعون..
الأطفال يتشجارون ولكن دون ضغينة فلا تغيب الشمس دون مصالحة فيما بينهم وإذا كبُر الخلاف يعود الطفل إلى والديه ويشكو رفيقه أو من ضايقه وظلمه وسبّب له الأذية دون أن يلجأ إلى الأذية المبرمجة أو الانتقام المتأخر..
الأطفال أبرياء أنقياء طاهرون يعيشون بسلام طالما هم في أحضان والديهم، دون شهوات ورغبات ودون جشع أو طمع، فالطفل يأكل حاجته مكتفياً ويشارك الآخرين ما لديه راضياً، لا يحسد أحداً ولا يمشي ممتلئاً بذاته ولا يسعى لأي مجدٍ باطل والأهم من كل ذلك أنه لا يعرف الخطيئة سبب كل شقاء وموت على الأرض ، ولا يشعر أنه الأقوى ليستغل الضعيف أو الأعظم ليسحق الأصغر ولكن يستمد كل قوته من والده والطمأنينة من والدته.
عندما يكون الطفل في حضن والديه يشعر كأنه يملك العالم وكذلك يشعر من يتمتع بالطفولة الروحيّة عندما يكون في حضن المسيح ورعايته، ويكون واثقاً أن كل ما يطلبه سيجده فقط لأنه محبوب.
"اِسْأَلُوا تُعْطَوْا. اُطْلُبُوا تَجِدُوا. اِقْرَعُوا يُفْتَحْ لَكُمْ."
(متى ٧: ٧)
"إِنْ لَمْ تَعُودُوا فَتَصِيرُوا مِثْلَ الأَطْفَال، لَنْ تَدْخُلُوا مَلَكُوتَ السَّمَاوَات"
هذه العودة طبعاً ليست على المستوى البيولوجي وليست عودة إلى أحشاء الأم الطبيعية كما فهمها نيقوديموس، فيسوع وحّد نفسه بالأطفال "ومَنْ قَبِلَ بِٱسْمِي طِفْلاً وَاحِدًا مِثْلَ هذَا فَقَدْ قَبِلَني" والعودة إلى الطفولة تكون بالعودة إلى المسيح واستعادة صورته من خلال المعمودية.
"إِنْ كَانَ أَحَدٌ لاَ يُولَدُ مِنَ الْمَاءِ وَالرُّوحِ لاَ يَقْدِرُ أَنْ يَدْخُلَ مَلَكُوتَ اللهِ."
(يو ٣: ٥)
يبقى الإنسان عاجزاً عن إستعادة هذه الطفولة بقدرته لوحده لكن هذا عمل النعمة التي يهبها الله لنا مجاناً دون سابق إستحقاق من أي إنسان.
يا رب هبنا أن نستعيد صورة بهائك، هبنا أن نعود أطفالاً في حضن كنيستك ونطبع صورتك على وجوهنا فيرى الناس مجدك. آمــــــين.
نهار مبارك
/الخوري كامل كامل/