كلُّ من يحمل فكر المسيح ورسالته يتعرّض للإضطهاد.
من يعمل الخير قد يُقابل بالشرّ، من يُسقي العطشان ويُطعم الجائع ويُلبس العريان ويُعزي المسكين ويُمسك بيد الضعيف ويزور السجين والمريض يُضطهد "بَعْدَ أَنْ تَأَلَّمْنَا وشُتِمْنَا في فِيلِبِّي" ليس من أجل شرّ إقترفه بل من أجل الخير الذي صنعه.
إختبر بولس الالم والعذاب في مدينة "فِيلِبِّي" لكنه لم يتوقف عن الرسالة بل زاد إصراراً وتصميماً على الالتزام بكلمة الله ليس إرضاء للناس بل "للهِ الَّذي يَخْتَبِرُ قُلُوبَنَا".
إن المؤشر الواضح على صدق الرسالة ونزاهة الرسول هو الاضهاد والعلامة الاوضح على نجاح الرسالة هي احتمال الظلم والتجنّي والافتراء والمؤامرات.
كلّما اشتدّ الالم كلّما أثبتت الرسالة صدقها أي إعلان الحق بصدق دون تردد أو خوف كما فعل يوحنّا "فَإِنَّنا ولا مَرَّةً أَتَيْنَاكُم بِكَلِمَةِ تَمَلُّق".
والدافع الوحيد لإعلان الحق هو مجد الله وليس مجد البشر لخلاص النفوس.
أما المحرّك العجيب الذي يدفع بهذا الاتجاه هو الرحمة التي تتفجّر في أحشاء الام نحو ولدها "لكِنَّنَا صِرْنَا بَيْنَكُم ذَوِي لُطْف، كَمُرْضِعٍ تَحْتَضِنُ أَوْلادَهَا".
رغم ألم الكدّ وعذاب الجدّ يتحول الرسول الى كتلة حبّ مجبول بالحنيّة وكأن الاضهاد يُنقيه ويعرّيه من كل شائبة فيتخلّى عن امتيازاته الشخصية رغم أنه يستحقها وعن أنانيته ومجده الذاتي.. يموت عن نفسه ليحيا لله ولأبنائه بالروح "لكِنَّنَا صِرْنَا بَيْنَكُم ذَوِي لُطْف، كَمُرْضِعٍ تَحْتَضِنُ أَوْلادَهَا".
يأخذ الرسول مجّاناً ويُعطي مجّاناً رغم أن الفاعل يستحق أجرته.
لكنه أبٌ والأب يُعطي ولا يأخذ من أبنائه فهو المصدر وليس المتلقي، لا يجلس على عرش ولا يضع أبناءه في خدمته بل يكون هو نفسه في خدمة أبنائه دون أن يُثقّل على أي منهم "ونَحْنُ نَعْمَلُ لَيْلَ نَهَار، لِئَلاَّ نُثَقِّلَ عَلى أَحَدٍ مِنْكُم".
أعطنا يا رب أن نكون رسلاً لانجيلك نزرع الفرح ونعمل من أجل ازدهار السلام وتطوّر الحب كآباء من أجل الابناء "بنَقَاوَةٍ وبِرٍّ وبِغَيرِ لَوم" كي يسير كل منهم على طريق الحق والحياة فيعاينون مجد الله. آميـــــــن.
نهار مبارك
/الخوري كامل كامل/