نَحْنُ نخدمك، أم أنت تخدمنا؟ لم أراك يوماً جالساً على عرشٍ تأمر فتطاع!!! جُلَّ ما أراك على الصليب مضرجاً بالدماء!! لم أراك يوماً جالساً على مائدة الأسياد والخدم يشتهون فتات الخبز الذي يتساقط عن المائدة، بل جُلَّ ما أراك طعاماً يؤكل حقاً ودماً يُشرب حقاً!!!
من يخدم مَنْ؟
الخادم يكون حيث سيده تحت قدميه وبين يديه جاهزاً لتلبية أوامره، أما نحن فنشتهي أن نكون من خدمك لأننا سنكون في قلبك، تحملنا في الأحضان وعلى ركبتيك تدللنا لتتأمل فينا ليلاً نهاراً حيث نتمتع برؤية وجه الآب الذي من أجلك "يُكرمنا"!! لا بل يضحي بك ذبيحة حية من أجل "مجدنا"، من شدة محبته لنا لم يشفق عليك أنت وحيده، رغم اضطراب نفسك، رغم مناجاتك إياه في بستان الزيتون كي يبعد عنك كأس الصليب، رغم سيل العرق دماءً من جبينك البهي، كانت مشيئته أن تفدينا بجسدك معلقاً على الصليب، لا بل ذبيحاً أبدياً يُقدم على مذابح الكنائس في كل مكان وزمان..
نعم يا رب قد «مَجَّدْتَ، وسَتُمَجِّد» مجدتنا وستمجدنا بابنك، منذ عرس الصليب مروراً بكل الذبائح على مر التاريخ، ماضياً وحاضراً ومستقبلاً، حتى الوصول الى تلبية دعوتك الأبوية إلى وليمة عرس الحمل... نعم كل ذلك من أجلنا من أجل خدمتنا من أجل مجدنا، ونحن لا زلنا "في ظَلامِ تَفْكِيرِنا، مُتَغَرِّبِينَ عَنْ حيَاةِ الله، بِسَبَبِ الجَهْلِ الكَامِنِ فينا مِن جَرَّاءِ تَصَلُّبِ قُلُوبنا"(أفسس ٤ / ١٨)
ساعدنا يا رب أن نكون حيث أنت خداماً لك ولمجد اسمك، من أجل ذلك قوّنا " لننبذ إنساننا العَتِيقَ الَّذي أَفْسَدَتْهُ الشَّهَوَاتُ الخَدَّاعَة، في سِيرَتنا الأُولَى، جدّدنا في أَذْهَانِنا تَجَدُّدًا رُوحِيًّا، ألبسنا الإِنْسَانَ الجَدِيدَ الَّذي خُلِقَ على مِثَالك في البِرِّ وقَدَاسَةِ الحَقّ..."(أفسس ٤ / ٢٢ - ٢٤). آمين