وُلد أكليمنضوس في روما وكان من أشرافها، تثقّف ثقافة عالية، فنبغ في العلوم والآداب.
وعندما قدم القدّيسان بطرس وبولس إلى روما، آمن على يدهما وتتلمذ لهما.
ورافق بولس الرسول في جهاده وذكره في رسالته إلى أهل فيليبي (٤: ٣).
ثم أقيم خليفة لهامة الرسل على السدّة البطرسيّة بعد البابا أناكليتوس.
فقسّم روما سبعة أقسام وجعل في كل قسم منها مسجِّلاً لأعمال الشهداء.
وقد ردَّ بمواعظه الكثيرين إلى الإيمان بالمسيح.
وله يرجع الفضل بتعميد أهل فرنسا.
وقد أنشأ هذا البابا فرقة العذارى اللواتي وقفن حياتهنَّ لمجد الله وخدمة القريب.
وجه البابا إلى أهل كورنثية رسالته الشهيرة، أوضح بها المراتب الكنسية والتمييز بين الأساقفة والكهنة والشمامسة، وبيَّن واجب المؤمنين نحو رؤسائهم، وأنّ للبابا السلطة المطلقة على جميع الكنائس.
وكان لهذه الرسالة اهميتها الكبرى، حتى أنها أدرجت بين الكتب المقدّسة وكانت تُقرأ في الكنائس على الشعب.
ولهذا البابا أيضاً رسالتان في شرف البتولية.
وعندما أثار ترايانوس قيصر الإضطهاد على المسيحيين، نفى البابا أكليمنضوس مع عددٍ من أبنائه إلى مدينة كرسونيزا، أي القرم، حيث وجد كثيرين من المسيحيين المنفيين، مسخَّرين في الأشغال الشاقة في مقالع الرخام، فكان لهم الأب الحنون، يشجّعهم ويعزِّيهم ويشاركهم في أتعابهم.
وكان أولئك المنفيون في ضيق شديد من العطش، فصلّى القدّيس فوق صخرة هناك، راسماً فوقها إِشارة الصليب، فإنبجس منها الماء ينبوعاً غزيراً، وعند هذه الآية آمن كثيرون من الوثنيين.
فعرف بذلك ترايانوس، فأوفد وزيره أوسيديوس إلى كرسونيزا وأمره أن يردَّ جميع الذين إعتمدوا إلى الوثنيّة، ومن لا يخضع يُقتل.
فنفَّذ الوزير أمر سيّده بجميع المسيحيين وبالذين إعتمدوا من الوثنيين.
ففاز جميعهم بآكليل الشهادة.
أمّا البابا أكليمنضوس، فشدُّوا عنقه بحبل وزجّوه في البحر ليموت خنقاً، فإنضمَّت روحه الطاهرة إلى أبنائه الشهداء في الأخدار السماويّة.
وكان ذلك سنة ١٠١ للمسيح.
فإنتشل بعض المؤمنين جثّة البابا من البحر ودفنوها بما تستحق من الإكرام.