تحتفل الكنيسة المقدّسة اليوم، بعيد الحبل بسيدتنا مريم العذراء، في أحشاء والدتها القدّيسة حنه، بريئةً من وصمة الخطيئة الأصليّة.
وهذا كان إعتقاد الكنيسة الشرقيّة منذ العصور الأولى ، يوم كانت تعيِّد "لحبل حنة" بوالدة الإله.
وهذا ما تدلُّ عليه دلالة صريحة وتترنَّم به صلواتنا الطقسيّة السريانية في فروضنا على تنوعها.
ملمعة إلى أنّ الثالوث الأقدس إختارها لتكون أماً للكلمة المتجسد، فتناديها بهذ النشيد:
"أيتها المباركة في النساء، يا من بواسطتها إستئوصلت لعنةُ الأرض ... أيتها العفيفة المملوءة من محاسن القداسة التي يعجز فمي عن وصف قدرها السامي. المجد للآب الذي إختار مريم من بين القبائل جميعها. والسجود للإبن الذي أشرق منها بقداسة. والشكر للروح القدس الذي ملأها غنىً وثروةً وافرة من النعم".
وتدليلاً على شرف العذراء وبراءتها من الخطيئة الأصلية ، تفيض تلك الصلوات بوصفها بأجمل النعوت وأبدعها.
وتلمع إلى ما قاله الله للحيّة بعد السقطة الآدمية : "إجعل عداوةً بينك وبين المرأة فهي تسحق رأسك" (تك ٣: ١٥).
وتجعل المقابلة بين حواء الأولى وحواء الثانية أي العذراء.
فإنّ تلك سبَّبت الموت للجنس البشري، وهذه ولدت الحياة للعالم.
وكفى بقول الملاك لها في بشارته إياها : يا ممتلئة نعمة.
وأقوال الآباء القدّيسين وملافنة الكنيسة صادعةٌ بهذه العقيدة عبر الأجيال.
وقد طالما لقَّبتها الكنيسة وما زالت تنادي بها: تابوت العهد، وبيت الذهب، وسلطانة السماوات والأرض ، وسلطانة الحبل بلا دنس، وأم الحياة وأم النور.
وقد أصبحت هذه الحقيقة عقيدة إيمانيّة يوم قام البابا بيوس التاسع في الثامن من شهر كانون الأول سنة ١٨٥٤، يُعلن بسلطانه الأعلى المعصوم عن الغلط :
"أَنَّ مريم البتول قد تنزهت عن الخطيئة الأصلية. وأَنَّ الله وقّى نفسها من تلك الخطيئة الجدّية، منذ الدقيقة الأولى، وذلك منَّةٌ خاصة منه، بفضل إستحقاقات إبنه الوحيد سيّدنا يسوع المسيح مخلّص البشر".
وفي سنة ١٨٥٨، كان ظهور العذراء للإبنة برناديت في قرية لورد، إثباتاً وتأكيداً لهذه العقيدة، إذ قالت لبرناديت – لما سألتها مَن أنت ؟ - " أنا هي الحبل بلا دنس".
وإنتشرت أخويات الحبل بلا دنس في الغرب والشرق تضم الألوف تحت راية العذراء المجيدة.
وبعد مرور مئة سنة على تلك العقيدة أقام لها السعيد الذكر البابا بيوس الثاني عشر التذكار المئوي الأول في السنة ١٩٥٤، التي أعلنها سنة مريميّة وقد إحتفل بها لبنان في تلك السنة، إحتفالاً باهراً. وقانا الله بشفاعتها من كل شر روحي وزمني. آميـــــــن.