ولما سبى نبوكدنصَّر سكان أورشليم سنة ٦٠٦ قبل المسيح، كان دانيال بينهم مع رفقائه حننيا وعزريا وميشائيل.
خص الله دانيال بحكمة فائقة وأوحى إليه بأمور كثيرة.
وهو الذي أنقذ سوسنة العفيفة إمرأة يوياقيم الملك من إفتراء الشيخين اللذين راوداها عن نفسها فحكم عليهما بالموت رجماً.
وهو الذي فسَّر الحلم الذي حلمه نبوكدنصر وعجز سحرته وعلماؤه عن تفسيره.
فإستأصلهم الملك ورفع منزلة دانيال وإعترف بأنّ إلهه هو الإله الحق.
ولم يكن ليتورَّع عن أن يبيّن للملك، بكل جرأة، ما يحل به وبملكه، متنبئاً أنَّ الله سيطرده من المُلك.
وقد تمَّ ذلك فعلاً.
إذ خلفه إبنه بلشصَّر الذي نسي دانيال.
فطغى وتجبَّر أكثر من أبيه ، لذلك رذله الله، كما تنبأ دانيال بتفسيره تلك الكتابة التي رآها بلشصَّر مرسومةً على الحائط أمامه ليلة كان يتلذَّذ هو وجلساؤه ونساؤه في وليمة أقامها في قصره وهي ( منا تقل فراس)، فإرتاع منها وطلب دانيال ففسّرها قائلاً له: إنك وزنت فوجدت ناقصاً لذلك يؤخذ منك ملكك ويعطى لمادي وفارس.
وقد تمت النبوءة، لأنّ بلشصَّر قُتل في تلك الليلة وإستولى على العرش داريوس المادي.
وعظُم شأن دانيال عند الملك داريوس الذي فضَّله على جميع وزرائه.
فحسده هؤلاء ووشوا به إلى الملك، بأنه لم يسجد للتمثال الذهبي، فطرحوه في جُبّ الأسد، فلم تؤذه.
ففرح به الملك فرحاً غظيماً، وأمر بأن يُلقى في الجب أولئك الذين وشوا به، فإفترستهم الأسود.
وقتل دانيال تنيناً كانوا يعبدونه، فطرحوه في الجب مرةً ثانية، فنجَّاه الله من أنياب الأسد وأخزى أعداءه.
وهكذا كان الله نصيره في جميع أعماله ، إلى أن توفَّاه بشيخوخة صالحة، وقد بلغ التسعين من العمر.