ولكنه مال إلى حب الدنيا فتزوَّج وأخذ يسعى وراء جمع المال، متغاضياً عمّا ورثه من فضيلة وتُقى.
لكنه أفاق من غفلته، إذ كتب إليه القدّيس غريغوريوس النزينزي يحثّه على قراءة الكتاب المقدّس.
فإنكبّ على قراءته وإكتنه ما فيه من المعاني والتعاليم السامية.
إتفق مع زوجته فذهبت إلى الدير ودخل هو السلك الإكليريكي وأرتسم كاهناً.
رسمه أخوه باسيليوس أسقفاً سنة ٣٧٢.
فقام يتفانى في حراسة رعيّته بالوعظ والمثل الصالح.
وإنكبَّ على تأليف الكتب المفيدة لمقاومة بِدَع عصره ولا سيما الآريوسية.
فأبغضه الآريوسيون وسعَوا به لدى زعيمهم الملك فالنس سنة ٣٧٥ فحطَّه عن كرسيَّه ونفاه.
وبعد موت فالنس أرجعه غراسيان إلى كرسيه.
زار شقيقته ماكرينا الرئيسة قبل وفاتها وترأس حفلة دفنها، ومات أخوه باسيليوس في ميدان الجهاد ضد الآريوسيين، فقام هو يحمل علَمَه ويواصل جهاده.
وفي السنة ٣٨١ حضر غريغوريوس المجمع المسكوني الثاني في القسطنطنية فأيّد بالبراهين الفلسفيّة واللاهوتيّة، حقيقة لاهوت الروح القدس وحرم مكدونيوس وأتباعه الذين أنكروها.
وفي السنة ٣٩٤ حضر مجمعاً آخر في القسطنطنية، حيث رقّاه الآباء، تقديراً لعلمه وفضيلته، إلى مقام المتروبوليت.
هكذا قضى هذا القدّيس الكبير حياته المثالية بالدفاع عن الإيمان القويم، وبإرشاد النفوس في طريق الخلاص.
وإنتقل إلى ربّه سنة ٣٩٤.
وقد أغنى الكنيسة بتآليفه في العلوم الإلهيّة وتفاسير الكتب المقدّسة.
ويعتمد الآباء والعلماء على الكثير من تحديداته اللاهوتيّة في ما يتعلق بالأقنوم والجوهر.