ثم تتلمذ لناسك فاضل إسمه لونجينوس، فأحكم ممارسة الفضائل.
ثمّ ذهب وسكن مغارة في جبلٍ، يمارس فيها حياة النسك، فذاع خبر فضيلته، فأتاه الكثيرون يتتلمذون له، وكان بعضهم قد أتوه بثرواتهم فأنشأ لهم ديراً كبيراً، كثيراً ما كان يأوي إليه الفقراء والمرضى.
وأنشأ أديرة عديدة للرهبان وسنَّ لهم قوانين العيشة المشتركة.
وكان يأمر رهبانه بأن يحفروا قبورهم بأيديهم ويقفوا أمامها ذاكرين ساعة الموت الرهيبة، ومصيرهم في الأبديّة.
فمنحه الله موهبة صنع العجائب الكثيرة.
ولشهرة قداسته وحكمته أقامه البطريرك الأورشليمي رئيساً على الرهبان العائشين في الأديار عيشة مشتركة.
وفي تلك الأثناء، وقد بلغ تاودوسيوس التسعين من العمر، قام الملك أنسطاس يحارب الكاثوليك ويؤيِّد الأوطيخيين فنفى تاودوسيوس الذي يظهر أنه لجأ إلى لبنان، والتقليد الماروني يفيدنا أنه هو الذي أنشأ دير قنّوبين أي دير "العيشة المشتركة" في وادي قاديشا وحفظ التقليدُ هذا الإسم عبرَ الأجيال إلى يومنا هذا.
وجمع تاودوسيوس إلى فلسطين حيث قضى سنيه الأخيرة وتوفّاه الله سنة ٥٢٨ وله من العمر مئة وخمس سنين.
أقيم له مأتم حافل ترأس الصلاة فيه بطرس بطريرك أورشليم ذاته.