أعرضت عن بهارج الأرض وأمجادها وعلِقت نفسُها بالسماء وبمحبّة السيّد المسيح.
علم بها كونتيانوس القنصل الروماني، وكان فظّ الأخلاق فاسقاً.
فأخذ يراودها وهي تنفر منه، فأوقفها بحجّة أنّها مسيحيّة وأودعها السجن معلّلاً النفس بإنقيادها إليه صاغرة.
فإستمرّت صامدة بوجهه صمود اللبوءة الجبَّارة.
فأعادها إليه وسألتها :
مَن أنتِ وما هي هويتك؟ أأنت أمة أم حرة؟...
فأجابت: أنا حرّة ومن أسرة شريفة، لكنني أنا أمة المسيح ولي الشرف الأسمى بخدمة الإله الحقيقي.
فقال: ألسنا نحن من الشرفاء نعرف الآلهة وشرفها؟...
فقالت له: لقد اضعتم شرفكم وأصبحتم عبيداً للخطيئة ولآلهة صمّاء من خشب وحجر.
فغضب كونتيانوس وهدّدها وأعادها إلى سجنها المظلم حيث أخذت تطلب من يسوع نعمة الثبات في محبّته.
وفي الغد أعادها كونتيانوس إلى مجلسه وأخذ يلاطفها ويقول :
هل رجعتِ عن عنادكِ وفكّرتِ في خلاصك؟...
فأجابت: إنّ خلاصي هو المسيح ربّي.
فلمّا رأى كونتيانوس أن لا سبيل إلى إقناعها، أراد أن يشفي غليله منها، فأمر بقطع ثديَيها، فتفجّرت دماؤها وهي معتصمة بالصبر على أمرّ الأوجاع.
فأعادها إلى السجن وفي منتصف الليل ظهر لها القدّيس بطرس بهيئة شيخ حكيم عزّاها وشفاها بإسم الرب يسوع.
وسطع في السجن نور سماويّ بهر الحرّاس فهربوا مذعورين. وعرف كونتيانوس بشفائها، فتمزّق من الغيظ وأمر بأن يجرجروها على قطع من خزف وجمر بذلك أسلمت روحها بيدي الله سنة ٢٥٤. وأجرى الله على يدها آيات كثيرة.
وكان الجميع حتّى اليهود يتزاحمون على طلب شفاعتها. أمّا كونتيانوس، فبعد أيام ، جنحت به مركبته وغرق في النهر وإختفى.