وُلد هذا البابا العظيم في روما من أسرة شريفة توسكانيّة.
تثقّف ثقافة عالية جمع فيها بين العلوم الدينيّة والزمنيّة.
جعله البابا سكستس الثالث مستشاراً له.
وعلى أثر وفاة هذا البابا سنة ٤٤٠، أنتخب لاون، بإجماع الأصوات، خلفاً له.
وما تسنَّم عرش الرئاسة البطرسيّة، حتّى ظهر أسداً (ﮐﭑسمه) جباراً يدافع عن حق الكنيسة بكل جرأة وعلم وفضيلة.
وكانت رسائله الرائعة تجوب الشرق والغرب وتقضي على البدع التي ظهرت في أيامه ، ولا سيما بدعة أوطيخا.
وبناءً على طلب الملك مركيانوس إمبراطور الشرق، أمر البابا بإلتئام المجمع المسكوني في خلكيدونية ٤٥١، حضره ستمئة وثلاثون أسقفاً نبذوا فيه تعليم ديوسقورس وأوطيخا وإعتمدوا تعليم البابا لاون وفلافيانوس بطريرك القسطنطنية.
وكتب البابا رسالة سلّمها إلى نوّابه وأرسلهم ليرئسوا هذا المجمع بإسمه.
فكانت تلك الرسالة الشهيرة دستوراً في العقائد الدينيّة.
وأرسل الآباء المجتمعون كتاباً إلى البابا يقولون فيه :
"أنت الذي رئستنا، كما يرئس الرأس سائر الأعضاء".
ولمَّا جاء أتيلا ملك الهون، زاحفاً بجيوشه على البلاد الإيطاليّة، تمكّن البابا لاون، بسياسته وحكمته الرشيدة، من إيقاف ذلك الزحف الهائل، وأنقذ البلاد من الخراب والدمار.
وفي السنة ٤٥٩، نهى عن الإعتراف جهراً، وأوجب الإعتراف السرّي.
وهو أوّل من سعى في إقامة سفراء للأحبار الأعظمين.
وبعد أن أنهى هذا البابا العظيم حياة مليئة بالأعمال المجيدة، إنتقل إلى المجد الأبدي في ٤ ت٢ سنة ٤٦١.
ولا بدّ أن نذكر هنا بالفخر أنّ رهبان أبينا مار مارون، قد إمتازوا هم وشعبهم، بتعلّقهم بتعليم المجمع المسكوني الخلكيدوني وبرسالة البابا لاون الشهيرة الآنفة الذكر حتى خصّوا بها ودعوا "خلكيدونيين".
وقد سجّلت تلك الحقيقة التاريخيّة دماء الثلاثمئة والخمسين شهيداً.
لمناضلتهم عن ذلك المجمع وعن تمسّكهم بتلك الرسالة البابويّة.