وُلد توما سنة ١٢٢٤ في قصر روكّاسيكّا في أكوين بإيطاليا.
أبوه الكونت كندلفو، يمتّ بالنسب إلى فريدريك الثاني إمبراطور ألمانيا، ووالدته تاودورا، فرنسيّة تقيّة.
ولمّا بلغ الخامسة أرسله أبوه إلى مدرسة دير جبل كاسِّين، حيث كان الرهبان البنديكتيّون له خير مثال.
وممّا يروى أنه رغم حداثته كان يطرح هذا السؤال:
"ما هو الله؟".
أكمل دروسه في كليّة نابولي.
وعام ١٢٤٤، دخل الرهبانيّة الدومينيكيّة على الرغم من مقاومة أمه الشديدة التي قبضت عليه وحجزته في قصرها مدّة سنة، فكان معتصماً بالصبر يزداد ثباتاً وزهداً في دنياه.
أرسله رؤساؤه إلى مدينة كولونيا ليتمَّ دروسه على يد العلاّمة الدومينيكاني القدّيس البرتوس الكبير، فإنكبّ على الدرس حتّى تفوّق على جميع أقرانه.
وكان توما، بجسمه الضخم، قليل الكلام، كثير التفكير فيخيّل إلى رفقائه أنّه غليظ العقل، فدعوه الثور الأبكم.
فقال لهم أستاذهم البرتوس "إنَّ هذا الذي تدعونه ثوراً، سوف تسمع خواره الدنيا".
رُقّي إلى الدرجة الكهنوتيّة سنة ١٢٤٩ وله من العمر خمس وعشرون سنة، فإزداد قداسة وإتحاداً بالله.
وسار بخطى واسعة في طريق العلم وتولّى منبر التعليم في جامعة باريس، وهو في غضِّ الشباب، فبهر تلاميذه بمعارفه وشروحه وخطته الجديدة في التعليم.
وآثر فلسفة أرسطو على فلسفة أفلاطون.
فطارت شهرته وكانت له المنزلة الرفيعة عند الأحبار الأعظمين، وكان الملك لويس التاسع يسترشده ويأخذ بآرائه.
لكنه، مع كل ما كان عليه من عبقريّة علميّة، وما له من منزلة رفيعة لدى عظماء الدنيا، ظلَّ ذلك الراهب الوديع المتواضع، يكثر من الصلاة والتأمّل وتلاوة الفروض الرهبانيّة.
وكان يقول :
"إنني أحرزت بالصلاة من العلم أكثر ممّا بالدرس".
دعاه البابا غريغوريوس العاشر إلى مجمع ليون فلبَّى الدعوة على رغم توعّك صحّته ومشقّة السفر، فإشتدّ المرض عليه في الطريق معرَّج على دير سيتو لرهبان القدّيس مبارك، فشعر بدنو أجله وقال :
"ههنا مقام راحتي الأبديّة".
فلزم الفراش، ورقد بالربّ في اليوم السابع من شهر آذار سنة ١٢٧٤ وله من العمر خمسون سنة.
وقد أجرى الله على يده معجزات عديدة باهرة في حياته وبعد مماته.
أمّا ما وضعه من التآليف الثمينة بمدّة عشرين سنة أغنى بها الكنيسة فيعجز القلم عن وصفها.
وقد قال فيه البابا يوحنّا الثاني والعشرون ببراءة تثبيت قداسته في ١٨ تمّوز سنة ١٣٢٣:
"إنّ كل فصل من كتبه ينم عن آية عجيبة".
وكفى بخلاصته اللاهوتيّة الشهيرة أن تبقى، مدى الأجيال ، دستوراً للمدارس الإكليركيّة شرقاً وغرباً.
وقد أعلنه البابا لاون الثالث عشر شفيعاً لجميع المدارس الكاثولكيّة.