وُلد صفرونيوس في مدينة دمشق حوالي سنة ٥٥٨، وتربّى، بحسب تقليد قديم، في مدينة بشرّي – لبنان.
تثقف بالعلوم ولا سيما الدينيّة فنال منها قسطاً وافراً حتى لقب "بالحكيم" وبدأ يعلم الفصاحة ليزرع في قلوب تلاميذه بذور الفضائل المسيحية.
زهد في الدنيا ومضى إلى فلسطين حيث كانت الديورة زاهرة بالرهبان والنسّاك.
وبعد زيارته الأماكن المقدّسة، دخل دير القدّيس تاودوسيوس، بقرب أورشليم.
فقضى فيه مدّة طويلة، متمرّساً بالصلاة العقليّة والحياة النسكيّة.
وفي ذلك الدير الآهل بالرهبان الكثيرين، تعرّف بالراهب والكاهن يوحنا موسخس الشهير بفضيلته وعلمه فإتّخذه معلّماً ومرشداً.
وبقي ملازماً له، وقد ساعده في تأليف الكتاب المعروف "ببستان الرهبان او الحديقة الروحيّة".
وقاما معاً بزيارة دير القدّيس سابا الشهير وسائر الأديار في البلاد الفلسطينية.
وكان يوحنا موسخس يدّون كل ما يراه من أعمال الرهبان وفضائلهم وما يسمعه عن الذين عاشوا بالقداسة والكمال الرهبانيّ.
ثمّ سافرا إلى الإسكندريّة، فرحّب بهما بطريركها القدّيس يوحنا الرحوم وأبقاهما عنده وهناك أبرز صفرونيوس نذوره الرهبانيّة وعقد القلب على أن يقف حياته لخدمة الله.
وكانت بدعة القائلين بالطبيعة الواحدة قد إنتشرت في البلاد.
وقام البطريرك يجاهد في مكافحتها ليصون شعبه من شرها، فدعا صفرونيوس وكان قد إتّقن علم الفلسفة واللاهوت ونبغ فيهما.
فرسمه كاهناً وفوَّض إليه وإلى صديقه يوحنا موسخس الوعظ والإرشاد.
فقاما بمهمّتهما أحسن قيام.
فسرّ بهما البطريرك القدّيس وشكر لهما غيرتهما وأسكنهما الدار البطريركيّة.
وقد إفتقد الله صفرونيوس بوجع في عينيه، أقعده عن العمل ولم يشفَ إلاّ بأعجوبة كانت نتيجة صلواته إلى الله وإلى شفاعة سيّدتنا مريم العذراء.
وقصدا إيطاليا فوصلا إلى روما حيث أنجز موسخس كتاب بستان الرهبان.
وأهداه إلى تلميذه صفرونيوس.
ثمّ عادا إلى فلسطين حيث أنتخب بطريركاً عام ٦٣٤.
وعقد مجمعاً حرم فيه القائلين بالطبيعة الواحدة.
وفي أيّامه إفتتح عمر بن العاص أورشليم الذي أكرم البطريرك.
وكانت السنون والمحن قد أثقلت كاهل البطريرك القدّيس والشيخ الوقور، فمَا لبث بعد تلك الشدائد، أن رقد بالرب سنة ٦٣٨.