وبمَا أنّها كانت رائعة الجمال، خاف عليها أبوها فجعلها في معقل حصين، وأقام على حراستها بعض الجواري، ووضع معها تماثيل وثنيّة لكي تعبدها.
غير أنّ نعمة الروح القدس أقوى من أن تقف بوجهها حصون.
فوجدت مع إيريني جارية مسيحية، أخذت تعلمها قواعد الديانة وتبيّن لها أنّ المسيح هو الذي خلّص العالم بصليبه ونشر المحبّة والسلام بإنجيله المقدّس فآمنت إيريني به وشغفت بمحبّته ونذرت له بتوليّتها.
ويُروى أنّ تيموتاوس الرسول تلميذ بولس الرسول هو نفسه إتصل بها ودخل الحصن وعمَّدها.
ولمّا عرف أبوها بذلك جنّ جنونه فجاءها حانقاً، أمّا هي فتلقّته بوجهٍ باشٍ ونفس هادئة، فأخذ يتملّقها ويتهدّدها لتكفر بديانتها الجديدة فأبت وجاهرت بإيمانها بالمسيح فتميّز أبوها غيظاً وأمر بها فربطت إلى ذنب حصان جموح ليجرها وراءه ويهشم جسمها.
إلاّ أنّ ذلك الحيوان إرتدّ على أبيها ليكينيوس فقتله.
فجثت تلك الإبنة البارّة أمام جثّة أبيها تذرف الدموع وتتضرّع إلى عريسها الإلهيّ ، ربّ الحياة والموت أن لا يسمح بهلاك من كان علّة حياتها.
فإستجاب الربّ طلبها وأقام أباها من الموت.
ولدى هذه المعجزة الباهرة آمن ليكينيوس هو وإمرأته وجميع من يختصّ به. وبذلك إنتشرت الديانة المسيحيّة إنتشاراً عظيماً في تلك الأنحاء وأراد السيّد المسيح أن تكون إيريني بين عرائسه العذارى الشهيدات.
فلمّا عرف الوالي الرومانيّ أميليانوس بأمرها، قبض عليها وأذاقها أمرّ العذابات، ولمّا رآها ثابتة في إيمانها ، أمر بقطع هامتها فنالت إكليل الشهادة في القرن الأول للمسيح.
وقد شيّد قسطنطين الملك ومن بعده يوستينيانوس الكنائس الفخمة على إسمها في القسطنطينيّة.