ومنذ حداثتها كانت تلازم الصلوات والتأمّلات، معرضةً عن ملاذ العالم وآباطيله.
وفي أثناء الإضطهاد الذي أثاره ديوكلتيانوس ومكسيميانوس على المسيحيّين، ذهبت تاودوسيا وهي إبنة ثماني عشرة سنة، إلى قيسارية فلسطين لتحضر الإحتفال بعيد الفصح في ٢ نيسان سنة ٣٠٧، حيث كان أوربانوس الوالي قد قبض على كثيرين من المعترفين بالمسيح.
فنظرت تاودوسيا بعين دامعة إلى أولئك المضطَهَدين.
وإندفعت بكل شجاعة، على نحافة جسمها، وتقدمت إليهم تحيّيهم بالسلام وتشجّعهم وتطلب منهم أن يصلّوا من أجلها، فعرف الوالي أنّها مسيحيّة فأحضرها غاضباً وأخذ يتهدّدها بالتعذيب إن لم تضحِّ للأوثان.
فأبت بكل جرأة وجاهرت بإيمانها بالمسيح فجلدوها ومزّقوا لحمانها بأظفار من حديد، حتّى تفجّرت دماؤها، وهي صابرة بثغر باسم، ولم تحجم عن توبيخ الوالي على ظلمه وكفره، فأمر بأن تقيّد بالسلاسل وتلقى في السجن حيث قامت تصلّي، رافعة عينيها إلى السماء فأرسل الله ملاكه فعزّاها وحلّها من قيودها.
عندئذ أمر أوربانوس بأن يعلّق في عنقها حجر ضخم وتغرق في البحر.