ونظراً لما كان متصفاً به من العلوم والفضائل، أقيم أسقفاً على مدينة بانافنتي من أعمال إيطاليا.
ولم يقبل هذه الأسقفية إلاّ بأمر الحبر الأعظم.
فظهر راعياً فاضلاً ورسولاً غيوراً.
ساس رعيته بكل نشاط فكان يطوف القرى والمدن، مرشداً، عاملاً على خلاص النفوس، عطوفاً على الفقراء والبائيسين.
يشدّد عزائم المسيحيين المساقين إلى العذاب أيام الإضطهاد.
وإذ تحقّق الوالي غيرته وثباته في الإيمان طرحه في أتون متّقد أقام فيه ثلاثة أيام مثابراً على الصلاة، فصانه الله من أذى الحريق.
لذلك غضب الوالي وأمر بأن يمزّقوا مفاصل جسده كلّها.
وألقى القبض على شمّاسه الخاص فسطوس وعلى قارئ كنيسته اللذين أتيا لزيارته، يرغبان الموت معه، فقيّدهم الوالي جميعهم بالسلاسل وجرَّهم أمام عربته إلى مدينة بوزولس حيث طُرحوا للوحوش فآنستهم وربضت على قدمي جنواريوس، فنسب الوالي هذه الأعجوبة إلى فعل السحر، كما كانت عادة المُضطهِدين.
ثم أمر بقطع رؤوسهم.
فضرب الله الوالي بالعمى فعاد إلى رشده وأخذ يترجّى القدّيس ليشفيه فرقّ له وشفاه.
فإنذهل الحاضرون وآمن منهم كثيرون أمّا الوالي فما كان إلاّ ناكر الجميل.
وخوفاً على وظيفته، لم يطلق القدّيس ، بل أمر بقطع رأسه ورؤوس مَن معه وجميع الذين آمنوا وذلك سنة ٣٠٥.
أمّا جسد القدّيس جنواريوس فأُخذ إلى دير جبل العذراء في مدينة بانافنتي.
ثمّ نُقل الى كاتدرائية نابولي حيث هو الآن محفوظ بكل إكرام.
وإنّ دمه المحفوظ في قنينة إلى اليوم يتحرّك كلّما أدنوه من هامة القدّيس وذلك على مرأى الناس الزائرين لضريحه.
وقد فحص الأطباء والعلماء هذا الدم، فأعلنوا أنّ هناك معجزة حقيقية ثابتة لا تقبل الشك والريب.