وما عرف أبوه بذلك، حتى جنَّ جنونه، لما كان عليه من التعصّب لوثنيّته والتمسّك بمقامه.
فأمره بأن يعود إلى دين آبائه، فأبى، فطرحه في سجن مظلم.
وحاول أن يزوّجه من فتاة رائعة الجمال، تدعى داريا، من عابدات الإلهة فُستا، فأتت هذه إليه وأخذت تلاطفه.
أمّا هو فراح يُفهمها فساد الوثنيّة وصحَّة الدين المسيحي وسموّ تعاليمه وشرف البتوليّة.
فأثّر فيها كلامه ومسَّت النعمة قلبها.
فآمنت بالمسيح، فإتفق معها على الزواج، شرط حفظ العفة، فرضيت.
وعاشا أخوين ملاكين.
وإنطلقا يبشّران بالإنجيل، فردَّا الكثيرين من الوثنيين إلى الإيمان القويم.
فألقى الوالي سلارينوس القبض عليهما وأرسلهما إلى القائد كلوديوس الذي أمر جنوده بتعذيبهما، فلم ينل منهما مأرباً.
ثم قيَّدوا خريسنتوس بسلاسل من حديد وطرحوه في السجن، فإنحلَّت القيود وأضاء السجن نورٌ سماوي أدهش الحاضرين.
فآمن القائد كلوديوس وزوجته وولداه وغيرهم.
فأمر الملك نوميريانوس بقتلهم جميعاً ففازوا بالشهادة.
ثم ساروا بخريسنتوس وداريا، إلى خارج المدينة وطرحوهما في حفرةٍ رملية على طريق سالاريا، ورموا الحفرة بالحجارة، فدفنوهما حيَّين وهما يسبّحان الله ويشكرانه على نعمة الإستشهاد.