وُلد بولس في مدينة تسالونيكي وترَّبى تربية صالحة، وجاء إلى القسطنطينية ودخل في سلك الإكليروس، فرقَّاه ألكسندرس أسقف القسطنطينية إلى درجة الكهنوت، بعد أن ترقَّى في العلوم والفضيلة.
ولمَّا توفّي هذا الأسقف سنة ٣٣٦، أنتُخب بولس خلفاً له، على رغم مقاومة الآريوسيين.
فقام يدافع عن الإيمان الكاثوليكي بغيرة رسوليّة لا تعرف الملل.
فأخذ الآريوسيون خصومه يسعون بجميع الوسائل والتهم الكاذبة حتى تمكنوا من إبعاده عن كرسيه مراراً عديدة.
فكان يتحمَّل كل ذلك بصدرٍ واسع وصبرٍ جميل.
وكان مكدونيوس البطريرك الدخيل يعيث فساداً في الشعب، ويزيد على البدعة الآريوسية بدعته ضد ألوهيّة الروح القدس.
فما سمع البطريرك بولس بذلك، حتّى هبَّ من منفاه، غير حافل بغضب الملك قسطنديوس الآريوسي.
وجاء يدافع عن أبنائه ويوقيهم شرَّ الضّلال.
فأمر الملك بأن يمسكوه سرّاً بالحيلة، خوفاً من هياج الشعب، فقيَّدوه بالسلاسل وأرجعوه إلى منفاه.
فرفع إستغاثته إلى البابا القدّيس يوليوس الأول ، فإهتمَّ لأمره وعقد مجمعاً سنة ٣٤٧، حرم فيه مكدونيوس والأساقفة الآريوسيين.
فرجع البطريرك بولس إلى رعيته التي إستقبلته بأبهى البهجة والإكرام.
وعاد يدافع عن المعتقد الكاثوليكي الصحيح.
فقام الآريوسيون، كعادتهم، يهاجمونه بوشاياتهم ودسائسهم، حتى نُفي لآخر مرةٍ إلى جبال أرمينيا الصغرى، حيث كان صابراً على الجوع والحر والبرد، مستسلماً لإرادة الله وأحكامه الغامضة، عاكفاً على الصلاة، إلى أن رقد بالرب سنة ٣٥١.