ولما شبَّ إنخرط في سلك الجنديّة في فرقة نيرميليانوس.
وكان مشهوراً بصفاته الممتازة، محافظاً على إيمانه بالمسيح، وما لبث أن آثر التجنّد له دون سواه من ملوك الأرض فنزع ثوب الجنديّة وإنفرد في البريّة، مكباً على الصوم والسهر والصلاة، قهراً لأميال الجسد، سنين طويلة، حتّى صار من كبار النسّاك في تلك الأيّام.
ولما ثارت زوبعة الإضطهاد، ترك مينا وحدته، وجاء يضحِّي بنفسه على مذبح الإستشهاد، مثالاً مشجّعاً لأخوته بالمسيح.
فوقف أمام بيروس الوالي، مجاهراً بإيمانه، غير مبال بالعذاب والموت.
فتهيَّب الوالي شجاعته وأخذ يلاطفه ويحاول مراراً إقناعه بأن يُقلع عن عناده ويعدَّ له مستقبلاً زاهراً، وإلاَّ فالعذاب والموت.
فلم يبالِ القدّيس بوعدٍ أو وعيد وصرخ قائلاً :
"إنّ حياتي هي للمسيح ربّي وكل سعادتي ومجدي به وحده".
فتميَّز الوالي غيظاً وأمر بجلده جلداً قاسياً، فمزَّقوا جسده بأظفار من حديد وأحرقوه بالنار، وهو صابر يشكر الله فتقدّم بعض الأعيان من أصدقائه يرجونه بأن يُشفق على شبابه وينجو من الموت، فقال :
"إنَّ العذاب لي راحة وبالموت حياتي".
عندئذٍ أمر الوالي فضُرب عنقه وتكلّل رأسه بالشهادة سنة ٣٠٣.