رغب في الحياة النسكية، فأتى دير سكوذيون، وعكف على ممارسة أسمى الفضائل.
وأرتسم كاهناً وأقيم رئيساً على الدير وهو إبن ثلاثين سنة.
ولفرط غيرته على الدفاع عن حق الله وشرائع الكنيسة، قام يؤنِّب الملك قسطنطين الرابع لأنه طلَّق زوجته الشرعيّة تاودوره ليتّخذ الأميرة تاوذوثي.
فنفاه الملك إلى تسالونيكي، وبعد مدة إستدعته الملكة إيريني إلى ديره.
ثم أُُبعد بأمر الملك نيكوفورس، لأنه كان يلومه على جوره وخرقه حرمة العدل والإنصاف.
ولم يرجع من منفاه إلاّ بعد موت هذا الملك الظالم.
ولمّا قام الملك لاون الأيثوري الأرمني يناصر محاربي الأيقونات وبدأ الحرب على الكنيسة، هبَّ الرئيس تاودورس إلى الدفاع عن الإيمان الكاثوليكي.
فإضطهده الملك لاون ونفاه.
وبعد موت هذا الملك إستدعاه الملك ميخائيل الألثغ إلى ديره، فإنصرف إلى أعمال النسك والتآليف المفيدة.
غير أنَّ الملك إنقلب عليه، فيما بعد، ونفاه هو ورهبانه إلى شبه جزيرة القدّيس تريفون، حيث توفّي بنسمة القداسة سنة ٨٢٦.
صلاته معنا. آميـــــــن.
وفي هذا اليوم أيضاً :
تذكار القدّيس يوحنا الرحوم بطريرك الإسكندريّة
وُلد يوحنا في مدينة أماتوس في قبرص، من أبوين فاضلين.
تزوّج ورُزق بنين، لكن الله إفتقده بموت زوجته وبنيه، فزهد في الدنيا ووزَّع أمواله الوافرة على الفقراء.
وإشتهر بفضيلة الرحمة منذ الصغر.
حتى لُقِّب "بالرحوم".
وذاع صيته في الأنحاء الشرقية، فإنتخبه الشعب بطريركاً، وله من العمر خمسون سنة.
فقام يسوس كنيسته بكل غيرة ونشاط باذلاً أحشاء الرحمة للفقراء الذين كان يدعوهم أسياده، ويوزِّع عليهم الأموال الطائلة حتى سأله من حوله أن يضع حداً لتلك الصدقات، فأجابهم : ثقوا بالله إنَّ عنايته تدبِّر كل شيء.
ومع كرمه هذا، كان يحافظ على مال الوقف.
فمرة طلب منه الملك هرقل أَموالًا لجيشه، فأجابه:
"لا يجوز أن نعطي ملوك الأرض ما يختص بملك السماء".
وراح يهتم بإصلاح شؤون الإكليروس.
وكان هو مثالاً لهم في القيام بجميع الواجبات.
وقد إمتاز بوداعته وتواضعه وصبره، يقابل الإهانة والشتيمة بالإبتسامة والمغفرة.
وكان يقوم هو نفسه بسماع دعاوى الأيتام والأرامل ويجري العدل بين الجميع.
ومن فضائله الممتازة أنه كان يمقت كل ما يمسّ فضيلة المحبة، فينهي عن النميمة والدينونة والظنون الباطلة.
قال كاتب سيرته :
"انَّ القلم يعجز عن تعداد فضائل هذا البطريرك العظيم وعن أعماله الخيرية، وما ذكرناه إنما هو نقطة من بحر".
وبينما كان مسافراً إلى روما، إعترته حمَّى شديدة، فعرف بدنو أجله، وعرَّج على وطنه أماتوس، حيث إستحرَّ بالصلاة، مستعداً لملاقاة ربّه.