العذراء لم تقل "نعم" مرة، بل مرّات ، لأن قبولها لتدابير الله لم يكن له حدود.
قالت مريم "نعم" لنبوءة سمعان الشيخ :
"سيجوز سيف في نفسك".
ولمشقّة السفر إلى مصر، ولوجع ضياع يسوع ووجوده في الهيكل.
وقالت "نعم" لتعيير اليهود لإبنها، بأنّ فيه شيطاناً، وتعييرهم لها أنّها حبلت من زنى (يوحنا ١٩:٨ و ٤١).
وقالت "نعم" لوجعها لدى إعتقال يسوع وجلده وتكليله بالشوك وحمله الصليب، وصلبه وموته.
وقالت "نعم" للأوجاع التي تكبدتها من جراء إضطهاد الكنيسة وإستشهاد القديسين.
واليوم مريم تقول "نعم" للآلام التي تعانيها من جراء الخراب الواقع على الكنيسة.
فأعداء إبنها يسببون الشقاق ويشوهون العقيدة ويفسدون الأخلاق وينشرون الجحود والتنجيم والسحر والوثنية وعبادة الشيطان.
وتحمل مريم، أيضاً، الآلام التي يتكبدها إبنها من جراء خطايانا.
فكما تدمي خطايانا قلب يسوع، كذلك تدمي قلب مريم.
والسيف الذي تكلّم عليه سمعان ليس فقط معاناة مريم من جراء آلام إبنها ، بل هو أيضاً سيف آلامها من جراء إضطهاد الكنيسة وإنقسامها وأعمال أعدائها، وكذلك آلامها من جراء خطايانا.
مريم قالت "نعم" علامة مواقفتها على أن تحمل جميع تلك الآلام.
لكن، في الوقت عينه، تلك الـ "نعم" تعني أن مريم تشفع بالكنيسة والمؤمنين.
وقول الكتاب أنها "تحفظ تلك الأمور وتتأملها في قلبها"، يشير إلى حملها آلام الكنيسة والمؤمنين إلى جانب آلام إبنها.
وتأملها يتحول إلى شفاعة لا ترد لدى عرش الآب، لأجل الكنيسة والمؤمنين، ولأجل خطايانا.
لها الطوبى والمجد لابنها يسوع. آميـــــــن.
/الأب أنطوان يوحنا لطوف/