جاءني صبي صغير يئنّ في مرارة نفسٍ بسبب شهوات جسده وأفكاره المدنّسة وعواطفه غير المقدسة.
إنّه يصرخ :
"لماذا خلقني الله إنسانًا عاطفيًا؟! من ينقذني من شهواتي الشريرة؟ من يضبط حواسي؟"
تحدثتُ معه عن السلطان الذي قدّمه لنا السيّد المسيح، فيحوّل عواطفنا المدمّرة إلى عواطف بنّاءة.
حينما تتركّز أنظارنا على محبوبنا مخلّص العالم ندرك أنّ عواطفنا وأحاسيسنا وأفكارنا هي عطايا إلهيّة تسندنا في حياتنا اليوميّة وفي عبادتنا لله.
لكنّنا إذ نسيء إستخدامها تصير طاقة مدمّرة، تذكرتُ قصّة قصيرة مثيرة وردت في كتاب للأطفال الصغار :
في ألاسكا يعيش الأسكيمو وسط الثلوج، يبنون بيوتهم من الثلج ، لاحظ أحد رجال الأسكيمو أنّ ثلاثة ذئاب ضخمة تجول تبحث عن فريسة تلتهمها.
وكان أصدقاؤه وجيرانه في رعبٍ من هذه الوحوش المفترسة، ولم يعرفوا ماذا يفعلون ، ألقى هذا الرجل بعض الأطعمة بها مادة مخدّرة بجوار كوخه الثلجيّ في وسط عاصفة ثلجيّة قاسية ، وجدت الذئاب فرصتها وسط العاصفة أن تخرج لكي تهاجم وتفترس حيث الكلاب مختفية في الأكواخ بسبب العاصفة ، جاءت الذئاب إلى اللحوم التي بها مادّة مخدّرة، وتردّدت في الأكل منها، لكن تحت قسوة الجوع القارص إلتهمت الطعام فتخدّرت.
خرج الرجل ووجد الذئاب الشرسة الضخمة مخدّرة ونائمة.
للحال سحبها إلى جوار كوخه.
ظنّت زوجته وأولاده أنّه سيقتل هذه الذئاب، لكنّه لم يفعل هذا بل وضع لجامًا في فم كل ذئبٍ، وربط الذئاب في مركبته الزاحفة على الثلج.
وإذ زال أثر المخدّر وجدت الذئاب نفسها ملجمة ومربوطة في المركبة ، في البداية قاومت الذئاب ولم تقبل أن تسحب المركبة، لكن تحت لسعات السوط كان حتى الأطفال الصغار يقودون المركبة التي تسحبها الذئاب ، كان الرجل يقدّم لها طعامًا ليس حسب هواها بل ما يتبقّى منه من أطعمة.
إستسلمت الحيوانات الشرسة الأسيرة للوضع وصارت خادمة للرجل وزوجته وأبنائه.
وكان كلّ جيرانه وأقاربه يدهشون كيف لم يقتل الرجل الذئاب وحوّل هذه الحيوانات المفترسة إلى حيوانات خادمة تخضع حتى للأطفال الصغار.