"لتساعدنا العذراء مريم على اتباع يسوع، والسير بقوة وسعادة على طريق الخدمة، لكي تتألق محبة المسيح في جميع مواقفنا وتصبح أكثر فأكثر أسلوب حياتنا اليومية".
هذا ما قاله قداسة البابا فرنسيس في كلمته قبل تلاوة صلاة التبشير الملائكي.
تلا قداسة البابا فرنسيس ظهر يوم الأحد صلاة التبشير الملائكي من مكتبة القصر الرسولي في الفاتيكان وقبل الصلاة ألقى الأب الأقدس كلمة قال فيها في هذا الأحد الخامس من الصوم الكبير، تعلن الليتورجيا الإنجيل الذي يروي فيه القديس يوحنا حادثة حدثت في الأيام الأخيرة من حياة المسيح، قبل آلامه بفترة وجيزة. بينما كان يسوع في أورشليم لحضور عيد الفصح، أعرب بعض اليونانيين، الذين أثارهم الفضول حول ما كان يفعله، عن رغبتهم في رؤيته. وإذ اقتربوا من الرسول فيليبس قالوا له مُلتَمِسين: "نريد أن نرى يسوع" (آية ٢١). فذَهَبَ فيلِبُّس فأَخبَرَ أَنَدرواس، وذهَبَ أَندَرواس وفيلِبُّس وأَخبَرا المُعلِّم. في طلب هؤلاء اليونانيين، يمكننا أن نرى السؤال الذي يوجهه العديد من الرجال والنساء، في كل مكان وزمان، إلى الكنيسة وإلى كل واحد منا أيضًا: "نريد أن نرى يسوع".
تابع الأب الأقدس متسائلاً وكيف استجاب يسوع لهذا الطلب؟ بطريقة تجعلنا نفكر. وقال: "أَتَتِ السَّاعَةُ الَّتي فيها يُمَجَّدُ ابنُ الإِنسان. الحَقَّ الحَقَّ أَقولُ لَكم: إنَّ حَبَّةَ الحِنطَةِ الَّتي تَقَعُ في الأَرض إِن لَم تَمُتْ تَبقَ وَحدَها. وإذا ماتَت، أَخرَجَت ثَمَرًا كثيرًا". لا يبدو أن هذه الكلمات تجيب على السؤال الذي طرحه هؤلاء اليونانيون. في الواقع، هي تذهب أبعد من ذلك. في الواقع، يُظهر يسوع أنه، لكل إنسان يريد أن يبحث عنه، البذرة الخفية الجاهزة لأن تموت لكي تأتي بثمر كثير. كمن يقول: إذا أردتم أن تعرفوني وتفهموني، انظروا إلى حبة الحنطة التي ماتت في الأرض، انظروا إلى الصليب.
أضاف البابا فرنسيس يقول تأتي إلى ذهننا علامة الصليب، التي أصبحت على مر القرون رمزًا للمسيحيين بامتياز. إنَّ الذين يريدون اليوم "أن يروا يسوع"، ربما يأتون من بلدان وثقافات لا تعرف سوى القليل عن المسيحية، فما الذي يروه أولاً؟ ما هي أكثر العلامات شيوعًا التي يصادفونها؟ الصليب. في الكنائس، في بيوت المسيحيين، وحتى على أجسادهم. المهم هو أن العلامة تتوافق مع الإنجيل: لا يمكن للصليب إلا أن يعبر عن المحبة والخدمة وبذل الذات بدون تحفظ: بهذه الطريقة فقط يكون حقًا "شجرة الحياة"، الحياة الوافرة.
تابع الأب الأقدس يقول اليوم أيضًا، يرغب الكثير من الاشخاص، وغالبًا دون أن يقولوا ذلك بوضوح، في "أن يروا يسوع"، ويلتقون به ويعرفوه. من هنا نفهم المسؤولية الكبيرة التي تقع على عاتقنا نحن المسيحيين وعلى جماعاتنا. وبالتالي علينا نحن أيضًا أن نستجيب بشهادة حياة تبذل نفسها في الخدمة. يتعلق الأمر بزرع بذور الحب لا بالكلمات التي تزول، وإنما بأمثلة حياة ملموسة وبسيطة وشجاعة. عندها سيجعلنا الرب، بنعمته، نؤتي ثمارًا، حتى عندما تكون الأرض قاحلة بسبب سوء الفهم أو الصعوبات أو الاضطهاد. عندها فقط، في التجربة والعزلة، بينما تموت البذرة، ستكون اللحظة التي تنبت فيها الحياة، لكي تنتج ثمارًا ناضجة في وقتها، لأنّه في هذا التشابك بين الموت والحياة يمكننا أن نختبر فرح الحب وخصبه الحقيقي.
وختم البابا فرنسيس كلمته قبل تلاوة صلاة التبشير الملائكي بالقول لتساعدنا العذراء مريم على اتباع يسوع، والسير بقوة وسعادة على طريق الخدمة، لكي تتألق محبة المسيح في جميع مواقفنا وتصبح أكثر فأكثر أسلوب حياتنا اليومية.
المصدر : فاتيكان نيوز