الإجابة على محبة الله اللامتناهية والاستلهام من آلام المسيح وموته وقيامته، هذا ما تمحورت حوله كلمة البابا فرنسيس خلال استقباله اليوم مسؤولي ومتطوعي منظمة FIDESCO الكاثوليكية للتضامن الدولي.
استقبل قداسة البابا فرنسيس ظهر اليوم السبت مسؤولي ومتطوعي منظمة FIDESCO الكاثوليكية للتضامن الدولي والتي تحتفل بعامها الأربعين. ورحب الأب الأقدس بضيوفه معربا عن الرجاء في أن يمَكنهم حجهم هذا إلى روما من أن يُرسخوا بشكل أكبر ما يقومون به من عمل يومي في الإيمان بيسوع القائم وفي قلب رسالة الكنيسة، وأن يتسم هذا التجدد الروحي الذي يعيشونه بالتوبة في زمن الصوم هذا ويجعلهم يعودون إلى أخوتهم وأخواتهم بالمزيد من الحماسة والفرح.
ثم توقف البابا فرنسيس في كلمته عند ترك الذات لمحبة الله، ومحبته بالحب نفسه الذي يمنحنا، وما يبعث هذا في حياة الشخص وأفعاله من رد فعل أولي وأساسي، أي رجاء خير الآخرين والسعي إليه والاهتمام به. وقال لضيوفه إن خير الآخرين هذا هو ما يبحثون عنه بدفعة من الروح القدس حين يقررون الرحيل لسنوات مع المنظمة لخدمة الأخوة والأخوات الأكثر بعدا والأسوأ حالا والذين يتمتعون بفرص أقل منهم، والمحبوبين من الله مثل الآخرين ويتمتعون بالكرامة.
ذكّر الأب الأقدس في كلمته بعد ذلك بدخول الكنيسة فترة التأمل في آلام الرب، وشدد على أن المسيح المتألم هو حاضر في الشخص الفقير والمستبعَد، المريض والجائع، والذي يحمل مع المسيح سر الصليب. وأكد قداسته لمتطوعي المنظمة أنهم سيستفيدون كثيرا من عيش زمن الآلام هذا بقوة كي يستلهموا من ينبوع رسالتهم، وتابع أن الاعتراف بأن يسوع أهرق دمه من أجلنا يمنعنا من أن يساورنا أدنى شك حول الحب غير المحدود الذي يشرِّف كل كائن بشري. وواصل البابا داعيا ضيوفه إلى الحفاظ خلال قيامهم برسالتهم على الانبهار والجاذبية والحماس لعيش إنجيل الأخوّة، وشدد على حاجتنا إلى هذا في أكثر اللحظات صعوبة، لحظات الوحدة والإحباط واليأس.
ثم تابع البابا فرنسيس شاكرا مسؤولي ومتطوعي منظمة FIDESCO، كما وشكر الرب على ما قامت به المنظمة من عمل خلال هذه السنوات الأربعين من الخدمة الرسولية، وأيضا على الشهادة للمسيح الذي جاء ليخلِّص الإنسان بكامله والبشر جميعا. وأشار الأب الأقدس في كلمته إلى ضيوفه إلى أن ما يقومون به من أفعال تضامن ينطلق من التنمية المتكاملة للأشخاص والاهتمام لا فقط باحتياجاتهم المادية، بل وأيضا بدمجهم الاجتماعي ونموهم الفكري والثقافي والروحي مانحين لكل شخص كرامته. وحث قداسته الجميع على مواصلة السير على هذه الدرب راسخين في العقيدة الاجتماعية للكنيسة، كما وذكَّر البابا بأنه من المهم اليوم أكثر من أي وقت مضى أن يكون المؤمنون بالمسيح شهودا للحنان والعطف. وتابع قداسته أن الإصغاء إلى صرخة الفقراء تتردد داخلنا والتفاعل مع معاناة الآخرين واتخاذ القرار بالتوجه إلى مناطق بعيدة للمس جراحهم، والتي هي جراح المسيح، لا يجعلنا فقط نشارك في بناء عالم أكثر جمالا وأخوّة وإنجيلية، بل ويقوي الكنيسة في رسالتها.
هذا وأراد البابا فرنسيس الإشارة من جهة أخرى إلى النمو الشخصي على الصعيد الإنساني، وعلى صعيد الإيمان أيضا، والذي يمكن أن يقود إليه العمل ولو بشكل مؤقت مع هذه المنظمة، وذلك لأن من يشارك في رسالتها لا يجد فقط فرصة للانفتاح على العالم والثقافات بل ويجد أيضا الوسيلة للإجابة على رحمة الله، "كونوا رحماء كما أن أباكم رحيم" (لوقا 6، 36). يجد مَن يشارك في هذا النشاط أيضا، واصل البابا فرنسيس، مسارا روحيا كإجابة على هبة الله المجانية. وأراد الأب الأقدس توجيه الشكر مجددا إلى ضيوفه وذلك على ما يوفرون من فرص، وخاصة للشباب، للنمو في الإيمان وفي الإنسانية.
وفي ختام كلمته إلى مسؤولي ومتطوعي منظمة FIDESCO الكاثوليكية للتضامن الدولي، الذين استقبلهم ظهر اليوم في القصر الرسولي، تمنى البابا فرنسيس لهم حجا جيدا موكلا إياهم إلى حماية مريم العذراء، ثم بارك الأب الاقدس الجميع سائلا إياهم أن يصلّوا من أجله.
المصدر : فاتيكان نيوز