البابا فرنسيس يستقبل الشمامسة الدائمين في أبرشيّة روما
البابا فرنسيس يستقبل الشمامسة الدائمين في أبرشيّة روما
20 Jun
20Jun
"إن سخاء الشماس الذي يبذل حياته بدون أن يبحث عن الصفوف الأمامية تفوح منه رائحة الإنجيل، ويخبرنا عن عظمة تواضع الله الذي يقوم بالخطوة الأولى ليذهب للقاء الذين أداروا له ظهرهم".
هذا ما قاله قداسة البابا فرنسيس في كلمته للشمامسة الدائمين في أبرشيّة رومااستقبل قداسة البابا فرنسيس ظهر اليوم السبت في قاعة البركات في القصر الرسولي بالفاتيكان الشمامسة الدائمين في أبرشيّة روما وللمناسبة وجّه الأب الأقدس كلمة رحّب بها بضيوفه وقال بما أنكم سألتموني عما أتوقعه من شمامسة روما، فسوف أخبرك ببعض الأشياء، كما أفعل غالبًا عندما ألتقي بكم وأتوقف لأتبادل بضع الكلمات مع البعض منكم.
تابع الأب الأقدس يقول ننطلق بالتأمّل قليلاً حول خدمة الشماس. إنَّ الدرب الرئيسي الذي يجب اتباعه هو ذلك الذي أشار إليه المجمع الفاتيكاني الثاني، الذي فهم الخدمة الشماسيّة على أنها "درجة بحدِّ ذاها ودائمة في التسلسل الهرمي. إن الدستور العقائدي نور الأمم وبعد وصف وظيفة الكهنة على أنها مشاركة في الوظيفة الكهنوتية للمسيح، يوضح خدمة الشمامسة، الذين - كما يقول - وُضعت عليهم أيديهم لا للكهنوت وإنما للخدمة. هذا الاختلاف ليس صغيرًا. إن مجرد التأكيد على هذا الاختلاف يساعد في التغلب على آفة الإكليروسية، التي تضع طبقة من الكهنة "فوق" شعب الله. ويذكرنا الشمامسة، بشكل لأنهم مكرسون لخدمة هذا الشعب، أن في الجسم الكنسي لا يمكن لأحد أن يسمو فوق الآخرين. وبالتالي على المنطق المعاكس أن يسود في الكنيسة، منطق التنازل. نحن جميعًا مدعوون لكي نتنازل، لأن يسوع قد تنازل، وجعل من نفسه عبدًا للجميع.
أضاف الحبر الأعظم يقول وهكذا إذ تتبع الدرب الرئيسي للمجمع الفاتيكاني الثاني، تقودنا الخدمة الشماسيّة إلى مركز سر الكنيسة. كما تحدَّثتُ عن "كنيسة رسولية بطبيعتها" و"كنيسة سينودسيّة بطبيعتها"، أقول إنّه علينا أن نتحدث عن "كنيسة شماسية بطبيعتها". في الواقع، إذا لم نَعِش هذا البعد من الخدمة، فستفرَغ كلُّ خدمة من الداخل، وتصبح عقيمة، ولا تنتج ثمارًا. يذكر الشمامسة الكنيسة أن ما اكتشفته القديسة تريزيا الطفل يسوع هو صحيح: إن الكنيسة تملك قلبًا يحترق حبًّا. نعم، قلب متواضع ينبض بالخدمة. يذكرنا الشمامسة بهذا عندما، وعلى مثال الشماس القديس فرنسيس، يحملون قرب الله للآخرين دون أن يفرضوا أنفسهم، ويخدمون بتواضع وفرح. إن سخاء الشماس الذي يبذل حياته بدون أن يبحث عن الصفوف الأمامية تفوح منه رائحة الإنجيل، ويخبرنا عن عظمة تواضع الله الذي يقوم بالخطوة الأولى ليذهب للقاء الذين أداروا له ظهرهم.
واليوم، تابع البابا فرنسيس يقول علينا أن نتنبّه أيضًا إلى جانب آخر. إنَّ الانخفاض في عدد الكهنة قد أدى إلى التزام أكبر للشمامسة بمهام بديلة، التي وعلى الرغم من أهميتها، لا تنتمي للخدمة الشماسية. فبعد أن تحدث المجمع الفاتيكاني الثاني عن خدمة شعب الله في خدمة الليتورجيا والكلمة والمحبة، يؤكد أن الشمامسة هم قبل كل شيء مكرسون لخدمة المحبة والتدبير. لهذا السبب، حاولت روما أن تستعيد هذا التقليد القديم مع الشماسة في كنيسة القديس ستانيسلاو. أعلم أنكم حاضرون أيضًا في كاريتاس وفي حقائق أخرى قريبة من الفقراء. وبهذه الطريقة لن تفقد البوصلة أبدًا: لن يكون الشمامسة أبدًا "أنصاف كهنة" أو "خدمة مذبح كماليين"، وإنما خدّام متنبّهين يجتهدون لكي لا يتمَّ استبعاد أحد ولكي تلمُس محبّة الرب حياة الناس.
أضاف الأب الأقدس يقول أما بالنسبة لما أتوقعه من شمامسة روما، فسأُضيف ثلاث أفكار موجزة، لا تسير في اتجاه "الأشياء التي يجب القيام بها"، وإنما للأبعاد التي يجب تعزيزها. في المقام الأول، أتوقع منكم أن تكونوا متواضعين. إنه لأمر محزن أن نرى أسقفًا وكاهنًا يتبختران، لكن ما يحزن أكثر أن نرى شماساً يريد أن يضع نفسه في محور العالم! إجعلوا كل الخير الذي تقومون به سرًا بينكم وبين الله، وهكذا سيؤتي ثماره. ثانياً، أتوقع منكم أن تكونوا أزواجاً صالحين وآباء صالحين. وهذا الأمر سيعطي الرجاء والعزاء للأزواج الذين يعيشون مراحلاً من التعب والذين سيجدون يدًا ممدودة في بساطتكم الحقيقية. قد يفكرون: "انظروا إلى شماسنا! يسعده أن يكون مع الفقراء، ولكن أيضًا مع كاهن الرعية وحتى مع أبنائه وزوجته!". إفعلوا كلَّ شيء بفرح وبدون تذمر: إنها شهادة تساوي أكثر من الكثير من المواعظ.
وختامًا، خلُص البابا فرنسيس إلى القول أتوقّع منكم أن تكونوا رقباء: لا أن تعرفوا فقط كيف تلاحظون البعيدين والفقراء - وهذا ليس بالأمر الصعب – وإنما أن تساعدوا المجتمع المسيحي على رؤية يسوع في الفقراء والبعيدين، فيما يقرع أبوابنا من خلالهم. يمكنكم أن تتبنّوا تلك الصورة الجميلة التي تظهر في نهاية الأناجيل، عندما يسأل يسوع تلاميذه من بعيد: "أَمعَكُم شَيءٌ مِنَ السَّمَك؟" فعرفه التَّلميذُ الَّذي أَحبَّه يسوعُ وقال: "إِنَّه الرَّبّ". هكذا أنتم أيضًا تعرّفوا على الرب عندما يطلب في العديد من إخوته الصغار أن يتمَّ إطعامه واستقباله ومحبته. هذا ما أريد أن يكون عليه شمامسة روما والعالم بأسره. أشكركم على ما تقومون به وعلى ما أنتم عليه وأسألكم من فضلكم أن تواصلوا الصلاة من أجلي.