HTML مخصص
كنتُ غصناً يابساً ملقياً إلى جانب الطريق متروكاً مُهملاً مصيره الحرق و النار الَّتي لا تنطفئ...
أحببتني وتحنَّنت عليَّ فإنتشلتني من بين كومة من القشّ والهشيم!
زرعتني في أرضك الخصيبة، طعمتني في شجرتك، سقيتني، قلَّمتَ أوراقي، غمرتني بتربة غنيَّة، فنَمَتْ جذوري ترتوي من ماء ينابيعكَ، كبرتُ سريعاً وأصبحتُ شجرة يافعة تتفيَّأ تحتها عصافير السماء، حتَّى أنَّني صرتُ مكاناً لائقاً لراحتك!
لكن مع مرور الأيّام تراخت أغصاني وتهاوت، فإنحنيتُ من قوَّة الرياح العاصفة من حولي، حتَّى لامس رأسي الحضيض!
شربتُ المرارة بدل مائك العذبة، تغذَّيتُ من تربة التهاون وتسمَّمَتْ جذوري بسموم الخطيئة، فصرتُ مأوى للثعالب الصغيرة ونخرت جذعي الأفاعي والثعابين!
أنا يا ربّ أشبه تماماً هذا الغصن اليابس، فبدل أن أكتسب الفضائل بنعمتك تلذَّذتُ بالرذائل وأصابني داء الكبرياء!
والكبرياء وَلَدَ الغضب والإدانة البطالة وحُبّ الظهور، الفضول والكلام البطال، فقدتُ الرجاء ولامستُ اليأس!
اليوم أتوب يا سيِّدي فلا تقتلعني من حقلكَ بل أمهِلني وأتركني هذه السنة أيضاً !
إرحمني وإقبلني مثلما قبلت إبنك الضالّ، أنتَ قادرٌ أن تُبرِئَني كي أُشفى بنعمتك وأُثمِر من جديد!
فأُرنِّمُ بإبتهاج مع صاحب المزامير :
"تَعَهَّدْتَ الأَرْضَ وَجَعَلْتَهَا تَفِيضُ. تُغْنِيهَا جِدًّا. سَوَاقِي اللهِ مَلآنَةٌ مَاءً. تُهَيِّئُ طَعَامَهُمْ لأَنَّكَ هكَذَا تُعِدُّهَا.ركَلَّلْتَ السَّنَةَ بِجُودِكَ، وَآثارُكَ تَقْطُرُ دَسَمًا. تَقْطُرُ مَرَاعِي الْبَرِّيَّةِ، وَتَتَنَطَّقُ الآكَامُ بِالْبَهْجَةِ. اكْتَسَتِ الْمُرُوجُ غَنَمًا، وَالأَوْدِيَةُ تَتَعَطَّفُ بُرًّا. تَهْتِفُ وَأَيْضًا تُغَنِّي."
(مز ٦٥: ٩، ١١-١٣)
يا فرحي الأبديّ !
/جيزل فرح طربيه/