المحبة الحقيقية للمسيح ليست انفعالًا عاطفيًّا، بل هي طاعة والتزام وعمل بوصاياه؛ فالطاعة الكاملة والإيمان، هما دليل الحب وبرهانه.
"أطلب من الآب": أي بعد إتمام الفداء وصعودى، وكأن أقنوم الابن يسلم لأقنوم الروح القدس رعاية الكنيسة في عهدها الجديد، الذي بدأه الابن بدمه.
"معزيا": في اليونانية تعني "معزيا ومعينا وشفيعا ومحاميا"، والترجمة العربية أفقدتها معانيها. وهذه المعاني توضح لمحة سريعة لعمل الروح القدس في حياتنا، وفي الكنيسة عموما.
"يمكث معكم للأبد": أي أن الكلام ليس قاصرا على الكنيسة في عصر الرسل فقط، ولكنه عامل فيها وفي حياة أبنائها إلى نهاية الأزمان... وهذه الآية من الآيات التي يتلاقى فيها الثالوث الأقدس: فالابن طالب، والآب مجيب، والروح القدس مرسَل، لأن الإرادة في الجوهر الإلهي واحدة.
"روح الحق": الله هو الحق المطلق. ولهذا، لا يستطع كل من لم يولد بالمعمودية من هذا الروح أن يقبله، فالعالم مادي حسى يغرق في الباطل، لهذا فهو لا يقبل الله، الروح والحق، ولا يعرفه.
أما من عرف الروح القدس وأسكنه قلبه، فهو الذي يتمتع بمعرفة الله الحقيقية.
"معكم... فيكم...": لم يعد الروح القدس يحيط فقط بأبناء الله، بل يسكن بداخلهم، وهي عطية أخذها كل واحد منا في مسحة الميرون المقدس؛ وهذا ما يذكرنا به القديس بولس عندما يقول: "أم لستم تعلمون أن جسدكم هو هيكل للروح القدس الذي فيكم" (١ كو ٦: ١٩).
إذ دنت ساعة الفراق بالموت، أراد المسيح أن يطمئن تلاميذه، بعدم تركهم يتامى بعد موته، بل سوف يأتي إليهم ويروه، في إشارة مباشرة لظهوره لتلاميذه طوال أربعين يوما بعد القيامة من جهة، ومن جهة أخرى، يتكلم عن إرسال الروح القدس ووجوده الدائم فيهم ومعهم، مما سوف يستعلن فيهم شخص المسيح دائما، من خلال تذكيرهم بكل ما علّمهم، وبكل ما أوصاهم به.
وبالتالي، لن يكونوا يتامى، طالما الروح القدس حال بداخلهم ومعهم.
"في ذلك اليوم": تحتمل معنيين: إما بعد إعلان قيامته، أو يوم حلول الروح القدس.
وكلمة "تعلمون"، تأتي هنا بمعنى تتأكدون دون أي شك.
فالبرغم من كثرة الإعلانات السابقة عن وحدانيته مع الآب، إلا أن الكلام كان مبهما وغير مفهوم.
ولكن، سيأتي يوم التأكد التام واستكمال المعرفة الناقصة، إما بأحاديثه معهم خلال الـ ٤٠ يوماً، بعد قيامته من بين الأموات، أو من خلال الروح القدس الذي يعلمهم أسرار لا ينطق بها.
/خادم كلمة الربّ/