وكأن بولس نهض من ثباته مكتشفاً الكنز الاعظم والنصيب الافضل، أو أنه في ضلالٍ واهتدى أو غريقٍ واعتلى مركب الخلاص أو مائتٍ وعاد يستمتع بالحياة..لم يعبّر أي إنسان مثل بولس عن حبّه للمسيح، ليس باللسان بل بالعمل والحق، حسِب كل ربح خارج المسيح خسارة وكل خسارة مع المسيح ربحاً، خسِر كل شيء طوعاً ليربح المسيح لا بل حسب كل شيء كالزبل ليربح المسيح!!!
ونحن نعيش في سباقٍ مع كل شيء مع العمر والحب والدهر والناس والايام، نظنّ أن الربح حليفنا وفي النهاية لا نحصد سوى الهواء..
شبّه أحدهم حياتنا بسباق الفئران "هناك الآلاف والآلاف من الأشخاص الذين يعملون لساعات طويلة وشاقة في وظائف يكرهونها لكسب المال بغية شراء أشياء لا يحتاجونها، والهدف هو إثارة إعجاب أناس لا يُحبونهم!!. » (Nigel Marsh)
تم اختراع مفهوم سباق الفئران في الخمسينيات من القرن الماضي إشارة إلى المنافسة المحمومة القائمة بين الناس للحصول على أفضل دبلوم، ثم الوظيفة "الأفضل"، والتي غالبًا ما تكون مرهقة، ومرهقة جداً، ولا روح فيها تؤمّن فقط الرضى المادي السطحي.
يمكن أن تستوحي هذه الصورة من فئران المختبر وهي تتسابق عبر متاهة لاستعادة قطعة من الجبن، بينما يشاهدها العلماء الساخرون.
لكن "المتمردون" الأذكياء مثل بولس وكافة الرسل أدركوا سرّ اللعبة في عمقها وتفاصيلها فوجّهوا كل جهودهم وحركتهم للفوز بها فالحياة "هي المسيح" والباقي تفاصيل ونفايات لا أكثر ولا أقل.
إذا كنت تريد أن تحتضن الحياة على أكمل وجه وأن تستمتع حقًا بكل العجائب التي تقدمها لك وهذا ممكن لكن ليس من دون المسيح "ولكِنْ يَهُمُّنِي أَمْرٌ وَاحِد، وهُوَ أَنْ أَنْسَى ما ورَائِي، وأَمْتَدَّ إِلى ما أَمَامِي.
فأَسْعَى إِلى الهَدَفِ لأَفُوزَ بالجَائِزَةِ العُلْيَا الَّتي يَدْعُونَا اللهُ إِلَيْهَا في المَسِيحِ يَسُوع" قال أحدهم: "قد أموت غنيا، أو قد أموت فقيرا. لكنني لن أموت وموسيقاي لا تزال بداخلي." (Steve pavlina) وأنا أضيف قد أموت صغيراً أو كبيراً موتاً طبيعياً أو غير طبيعي على فراشي أو على الطريق بحادث أو برصاصة لكنني لن أموت دون المسيح..
كلنا يعلم أن الحياة قصيرة والعمر "غفلة" يمرّ كرمشة عين، وأيّامنا معدودة كما في أنظمة المدرسة لا بدّ ان يُقرع الجرس في نهاية الحصة وتفرغ المقاعد من أصحابها، هذه هي الحقيقة الكبرى التي تخنق المواهب والأحلام وتضيّع التطلعات والابداعات، إستيقظ الان كما فعل بولس لا تسمح لأي شيء أن يخنق ذاك الصوت الداخلي المتعطش للحياة والذي يريد أن يصرخ عالياً لإيصال رسالة للعالم كله وهو أن الهَدَف من الحياة هو "الفُوز بالجَائِزَةِ العُلْيَا الَّتي يَدْعُونَا الله إِلَيْهَا" وهي طبعاً في المَسِيحِ يَسُوع..
يبحث المتمردون الأذكياء دائمًا عن طرق أسرع وأكثر كفاءة وغالبًا ما تكون غير تقليدية لتحقيق أهدافهم، لديهم في نفوسهم صوت يفيض بالطاقة، مُلِحٌ ،قوي، يصرخ في داخلهم أنه يجب عليهم كسر الاغلال وتحطيم الوضع الراهن والخروج من عنق زجاجة العصرنة فهم يريدون شيئًا آخر لا يمنحهم فقط الرضا المؤقت بل يغذي شغفهم الدائم لتحقيق الهدف الأسمى وهو الحياة والحياة طبعاً هي المسيح..
هؤلاء المتمردون الاذكياء يعرفون أين يبحثون وأين يسيرون، يمكن أن يشعروا بالوحدة في العالم، خاصةً إذا كانوا صغارًا أو لم يستمعوا بما يكفي لهذا الصوت الذي يطلب منهم استكشاف مسارات خارج الصندوق أو القطيع لمقابلة أقرانهم من القديسين.
رغم ذلك ، لديهم جميعًا شيئاً مشتركاً، حتى لو لم يكونوا على دراية به حقًا. ما يهمهم هو التعبير عما في نفوسهم من شغف وحب، وعيش هذا الحب حتى الصليب، وقبل كل شيء عدم "الموت مع استمرار الموسيقى في نفوسهم".
لديهم مهمة يجب تحقيقها، مهمة لا يكاد أي شخص يتحدث معهم عنها، مهمة هم وحدهم الذين يشعرون بها والتي تجعلهم يتحركون، يريدون أن يعيشوا بشكل كامل، كملائكة على الارض "ولا أَدَّعِي أَنِّي قَدْ حَصَلْتُ على ذلِكَ، أَو أَنِّي بَلَغْتُ إِلى الكَمَال، لكِنِّي أَسْعَى لَعَلِّي أُدْرِكُهُ، لأَنَّ المَسِيحَ يَسُوعَ أَدْرَكَنِي!"
يطور المتمردون الأذكياء في النهاية أساليبهم يدفعهم ذاك الصوت إلى عيش الحياة وتقدير قيمتها بطرق أخرى أكثر بساطة، ونشر رسالتهم على نطاق أوسع. المتمردون الأذكياء يفهمون أيضًا أن عيش الحياة بالكامل هو الشيء الأكثر ضرورة وحيوية، فالحياة قصيرة ولا وقت لتوفير الوقت، لا يمكن تخزين الوقت وإعادة استخدامه فيما بعد فالوقت الافضل المتاح هو الان.. لئلا يضيع الوقت في الأشياء العبثية وتضيع معه الحياة إلى الأبد "إِنِّي أَحْسَبُ كُلَّ شَيءٍ أَيْضًا خُسْرَانًا، إِزاءَ الرِّبْحِ الأَعْظَمِ وهو مَعْرِفَةُ المَسِيحِ يَسُوعَ رَبِّي، الَّذي مِنْ أَجْلِهِ خَسِرْتُ كُلَّ شَيء، وأَحْسَبُهُ نُفَايَةً لأَرْبَحَ المَسِيح" آمين
أحد مبارك
/الخوري كامل كامل/