أعطى المسيح لتلاميذه إمكانيات الكرازة، وهي السلطان على شفاء الأمراض، حتى الصعب منها مثل البَرَص الذي يمثل النجاسة. بل وأعطاهم السلطان لإقامة الموتى، وإخراج الشياطين من ضعاف النفوس؛ أي أعطاهم السلطان على كل شىء، حتى ما يبدو مستحيلا، لإنقاذ أولاده من يد إبليس، وتهيئتهم لقبول البشارة به.
ويشترط عليهم أن تكون خدمتهم مجانية، كمحبة بلا مقابل، كما أعطاهم هو كل شيء مجانا، لبعطوا هم أيضًا الآخرين، فتنجذب القلوب إليهم.
وهذا مبدأ ما زال ساريا في الخدمة حتى الآن، وهو تقديم الخدام للخدمة الروحية بلا مقابل.
ذهبا - فضة - نحاسا: كانت النقود في ذلك الوقت تصنع من هذه المعادن الثلاث، فالمقصود أي نوع من النقود أو أية أجزاء من هذه المعادن التي لها قيمة مالية.
حيث أن المسيح يعضدهم بقوته، فلا يحتاجون أن يأخذوا معهم أموالا، أو طعاما في مزاودهم، أي الأكياس التي يحملونها في السفر، ولا يحتاجون إلى ثياب أو أحذية، ولا عصا يستندون عليها، لأن المسيح هو سندهم، وإن احتاجوا لهذه الأمور سيوفرها لهم من خلال الذين يبشرونهم، لأنه، وإن كانت الخدمة مجانية، ولكن الاحتياجات الضرورية للخادم، يمكن أن يوفرها الله له من خلال عطايا من يخدمهم.
ويقصد هنا أن يكتفى التلميذ بحاجاته الضرورية التي يستعملها، ولا يأخذ معه شيئًا إضافيا للاحتياط، لأنه إن فُقِدَ أي شيء منها سيوفره الله له.
أوصاهم المسيح، إذا دخلوا أي مكان ليكرزوا فيه، أن يبحثوا عن المتجاوبين مع كلمة الله أو المستعدين لسماع الكلمة، هؤلاء هم المستحقون أن ينالوا البشارة، فيتوبوا ويُصلحوا حياتهم. وقال لهم أن يظلوا مقيمين في هذا البيت المتجاوب، لكي يكملوا إقناع المتجاوبين حتى يجذبوهم له، فلا ينتقلوا بسرعة من بيت إلى بيت، بل يكملوا إقناع ورعاية كل إنسان.
ومن ناحية أخرى، لا ينشغلوا بالضيافة ويسعوا وراءها في بيوت مختلفة، لأن غرضهم هو الكرازة، والبيت الذي يقيمون فيه هو مجرد مكان للمبيت، ينطلقوا منه لخدمة النفوس.
"سلِّموا عليه": قدِّموا التحيات والمحبة والاهتمام الكافى لأهل البيت، فليست الكرازة عملا جافا، بل هي مصحوبة بمشاعر الحب؛ وتظهر هنا أهمية التعبير عن المشاعر لجذب الناس.
أمرهم المسيح أن يبشروا بسلامه لكل القلوب، ويقدموا محبتهم للكل.
فإن تجاوب بعضهم سيتمتعوا بخلاص المسيح، ويستفيدوا من سلامهم المقدم لهم.
وإن رفضوا، فلا يحزنوا، فسلامهم ومحبتهم تعود إليهم، أما الرافضون فيخسرون نعمة الله.
"انفضوا غبار أرجلكم": كان نفض الغبار عادة معروفة، ترمز لإخلاء المسئولية - إذ عمل الرسل ما عليهم - ويحاسَب الرافضون بالتالي على رفضهم لكلمة الله.
كما يرمز أيضًا إلى عدم أخذ أي شيء مادي من هؤلاء الرافضين، ولا حتى الغبار الذي في الأرجل.
"يوم الدين": هو يوم الدينونة الأخير.
لكن الذين يرفضون بشارة المسيح على أيدي الرسل، سيخسرون فرصتهم في الوصول للملكوت وفداء المسيح، فَيُلْقون في العذاب الأبدي، ويكون عذابهم أصعب من عذاب أهل سدوم وعمورة المشهورين بشرهم قديما، لدرجة أن الله أحرق المدينتين (تك 19: 24)، لأنهم في العهد القديم رفضوا كلام رجال الله.
أما في العهد الجديد، فرفضوا المسيح نفسه.
† اهتم بأن تعبّر عن محبتك لمن حولك كل يوم، ولكل من تخدمهم وتريد جذبهم للمسيح، فالتعبير عن المحبة بالكلام والعمل هو التمهيد الضرورى لفتح القلوب حتى تطيع كلام الله، إذ يروه فيك فيخضعوا لكلامه الذي على فمك.
/خادم كلمة الربّ/