في تلقائية، وكالمعتاد، كان بطرس أسرع المتكلمين مع المسيح. ولعل رهبة الحديث الأخير للمسيح هى التي دفعته للاطمئنان على نفسه والتلاميذ، وهم الذين تركوا كل شيء من أجل تبعيتهم للمسيح.
"مئةَ ضعفٍ": جاءت إجابة المسيح موضحة ومؤكدة لصلاح الله صانع الخيرات... فهل يمكن أن يكون الله مديونًا لإنسان؟! فكل من ترك شيء من أجل الله والخدمة، له مائة ضعف، والتعبير هنا مجازى، كناية عن فيض عطاء الله لمن ترك وتبعه، فيعطيه هنا إخوة وأولادا روحيين، وسلاما قلبيا وراحة لا يعرفها العالم، ولا يدعهم معوزين لشىء أيضًا من ضرورات العالم المادي الحاضر، وإن كان الأمر لا يخلو من اضطهاد وضيقات في هذا الزمن.
أما التعويض الأبقى والدائم، فهو ميراث الحياة الأبدية المعدة من الله ذاته، وسيكون لهم مكانة خاصة ومميزة، وأكثر اقترابا وشبعا بالله مخلّصهم...† أخي الحبيب... أليس وعد المسيح هذا مشجعا لنا جميعا أن نترك من راحتنا ووقتنا وأموالنا، من أجل المضى معه في تبعية وخدمة روحية قلبية حقيقية... ألم تشتاق معي لمذاق المائة ضعف؟! هيا إذن، تعال إلى الكنيسة، وقدم ولو القليل من وقتك للخدمة، فالمسيح يحتاج كل الطاقات لكنيسته.
أنهى الرب كلامه هنا بتحذير، فالوعد بالملكوت لمن ترك، لا ينشئ تهاونا بضمان الخلاص، بل علينا الاحتراس، وأن نستكمل جهادنا للمنتهى.
ألم يكن يهوذا ممن تركوا وتبعوا المسيح؟ ولكنه عاد وانتكس، وأحب المال فسلّم المسيح! فالرخاوة والتهاون تجعل من أتى لاحقا يسبق من كان أولًا.
/خادم كلمة الربّ/