هنا خدعة من أكثر حِيَل الشيطان خبثًا.
وأساس الخديعة هو الزّعم أنّ الناس كانوا يدفنون كنوزهم في الأرض ويتواصلون مع ساحر لأجل رصدها، فيوكل الساحر إلى الشياطين مهمّة حماية الكنز، فلا تسمح إلّا لصاحبه بالوصول إليه.
والكذب واضح، فلا أحد غبيّ كفايةً ليُخاطِر بترك كنزه في الأرض، ومَن يضمن أنّ "الجنّ" ستحرسه؟
ولو حرسته فمن يضمن أنّ الساحر لن يأمر الشياطين لاحقًا بالإرتداد عن الكنز، فيأخذه خفيةً عن صاحبه؟
والخديعة التّالية هي أن يقول ساحرٌ لشخصٍ إنّ في أرضه كنزًا يمكن إستخراجه بفكّ الرّصد، ويتطلّب ذلك موادّ مُعيّنة يستحصل عليها الساحر مقابل كثيرٍ من المال.
ويُغري الساحر الشخص بقوله إنّ ما سيدفعه له من مال لا يساوي شيئًا إذا قورن بما في الكنز من ذهب.
لكن مَن أعلم الساحر كم هناك من ذهب في الكنز المرصود؟
ومتى صدّق الشخص أنّ في أرضه ذهبًا، يماطل الساحر في طلباته، زاعمًا أنّ "الجنّي" طلب موادّ أخرى لفكّ الرصد، وأنّ بعض المواد المطلوبة غير متوفرّة حاليًا... إلى ما هناك من أكاذيب.
ويتحوّل الأمر إلى ابتزاز يدوم شهورًا، ولا يدري الشخص إن كان من الأفضل أن يعطي الساحر المزيد من المال أم أن يتراجع ويُسلّم بخسارة المال الذي سبق فأعطاه إيّاه.
وحيث أنّ الموضوع يتعلّق بالمال الوفير، فالتّجربة مغريةٌ جدًا، خصوصًا للذين لا يُدركون أن الساحر هو أساسًا عاملٌ للشيطان ولا يجب التكلّم معه أصلًا، ولا يجب الوثوق به مطلقًا ويستحيل أن تُجتنى أيّ منفعة من التّعامل معه، مهما بدا عليه من براءة وصلاح.
وعدا الخسارة الماديّة، التي قد تكون كبيرةٌ جدًا، هناك عواقب التّعامل مع ساحر، الذي قد يقوم بأعمال سحريّة لكي تؤثّر الأرواح الخبيثة في عقل الشخص وتُقنعه بكلام الساحر، وهذا ممكن جدًا، عدا أشكال أخرى من الأذيّة لا نعلمها.
أخيرًا، مَن أخبر الساحر بوجود كنز؟
طبعًا سوف يقول إنّ "الجنّ" أخبرته.
لكن ما مصلحة الجنّ وما الفائدة أن تكشف للساحر عن وجود الكنز، ما دامت هي التي تحرسه؟
ولو كان هناك كنزٌ فعلًا وعرف به الساحر، فما المانع أن يحتفظ بالأمر لنفسه ويستخرج الكنز من دون أن علم صاحب الأرض؟
فليُنجِّنا الربّ يسوع من خدائع إبليس وليحفظنا من كلّ أذيّة بشفاعة القدّيسة مريم العذراء وجميع القدّيسين. آميـــــــن.
/الأب أنطوان يوحنّا لطّوف/
#خدّام الرب