يقرّر كثيرون من تلقائهم أنهم بحاجة إلى كاهن مقسّم ويفسرون كل صعوبة على أنها مس من الشيطان.
طبعاً قد يكون التأثير الشرير هو سبب بعض الحالات لكن لست أنت من يقرر أنك بحاجة إلى "تقسيم".
كمن يذهب إلى الطبيب ويقول له "أنا بحاجة إلى علاج كذا" بدلاً من أن يترك الطبيب يشخص حالته أولاً.
هؤلاء يلبسون أنفسهم الشيطان ويزيدون هماً على همومهم ويصابون بالوسواس بينما لا علاقة للشيطان بوضعهم.
والأسوا أنهم يرفضون إستشارة أي كاهن آخر سوى "كاهن مقسم" لإعتقادهم أنه "أقوى" من سائر الكهنة.
وهذا الأمر يمنعهم من الإفادة من كاهن آخر ذي خبرة لكنه لا يمارس التقسيم.
وكثيرون يصابون باليأس لأنهم لا يجدون كاهناً مقسّماً أو لأن الكاهن المقسّم لم ينفعهم وهو طبعا لن ينفعهم لأن صعوبتهم لا علاقة لها بالشيطان.
هناك سؤال يسمعه الكهنة من المؤمنين تكراراً:
"هل أنت كاهن مقسّم"؟
والجواب هنا : من قال لك أنّك تحت تأثير الشيطان وأنّك بحاجة إلى تقسيم؟ فلست أنت من يقرر.
عليك فقط أن تستشير كاهن رعيتك أو كاهناً ذا خبرة وقد لا تكون لصعوبتك علاقة بالشياطين ويستطيع هذا الكاهن أن يساعدك.
فليس هناك كاهن "أقوى" من كاهن آخر فلكل كاهن موهبة ونعمة تختص به وهناك قوة وفاعلية صلاة الكاهن التي تفيد جميع الحالات بما فيها حالات التأثير الشيطاني حتى لو صلى الكاهن غير المقسّم للأشخاص عن بعد.
فمار شربل مثلاً لم يكن كاهناً مقسّماً لكن لا يمكن تعميم القول أنّ الكهنة المقسّمين "أقوى" منه.
لهذا فكم من أشخاص يفوتون على أنفسهم فرصة التحرر من صعوباتهم بسبب إصرارهم على انهم بحاجة إلى كاهن مقسّم بينما هم لا يحتاجونه.
إلتقيت مرة برجل زعم أن زوجته بحاجة إلى تقسيم.
طلبت منه أن يتقدما إلى الإعتراف والمناولة والمثابرة على الصلاة اليومية والمسبحة وقداس الأحد وأعطيتهما صلوات معينه يصليانها كل يوم.
وإلتقيت بالرجل بعد فترة وسألته إن كان قد إلتزم بما طلبته منه فقال :
"لكننا نحتاج إلى كاهن قوي يقسّم على زوجتي".
يعتقد كثيرون أن المقسّم يمتلك "قوة" تخرج منه وتطرد الشيطان وتبطل تأثيره وتسبب الشفاء.
ولهذا يتهافت كثيرون للمجيء إليه فيهدرون وقته وجهده وضييعون وقتهم وجهدهم أيضاً.
ويعتقد كثيرون أن الكاهن المقسّم بطريقة سحرية ما سوف يطرد التأثير الشرير بينما هم ليس مطلوب منهم أن يفعلوا أي شيء.
أما الحقيقة فهي أنهم بعد توبتهم وإعترافهم عند الكاهن يجب أن يصلّوا بكل حرارة لأجل تحرّرهم.
فالمطلوب من كل مؤمن مهما كانت حالته أن يكون دائماً في حال النعمة أي تائباً عن جميع خطاياه ومعترفاً بها وأن يتقدّم إلى سرّ الإعتراف بإستمرار وأن يثابر على الصلاة اليومية وقداس الأحد دون إنقطاع.
فالأساس أن يكون المؤمن على علاقة وثيقة بالله بدلاً من أن يدور من كاهن مقسّم إلى آخر دون جدوى.
ويقول الكهنة المقسّمون بالإجماع أنّ التوبة والصلاة اليومية الحارة والإعتراف الشامل بجميع الخطايا بلا إستثناء قد تغني عن صلاة التقسيم، التي مهما طالت وتكرّرت لن تفيد الشخص بشيء إذا كان في حال الخطيئة المميتة وليس عنده حياة روحيّة.
وكم من أشخاص عليهم تأثير شرّير فعلاً ولم ينتفعوا من صلاة التقسيم لأن المقسّم طلب منهم التوبة والصلاة والمثابرة على المسبحة والقداس ولم يمتثلوا له.
والأدهى أنّهم يشكون "فشل" الكاهن المقسم و"ضعفه"، بينما سبب عدم تحرّرهم هو خطاياهم وعدم توبتهم وعدم مثابرتهم على الصلوات.
فمهما كانت صعوباتك كبيرة ومتعدّدة فلا يحق لك أن تفترض أنّك بحاجة إلى كاهن مقسّم فلست أنت من يقرّر.
ولا تعتقد أنّ الكاهن المقسّم "أقوى" من سائر الكنهة.
فأنت لن تستفيد بإصرارك على الذهاب إلى كاهن مقسّم، وسوف تصاب بالإحباط بإصرارك هذا، وقد يكون العلاج لوضعك في مكان آخر.
فمهما كانت حالتك، المطلوب أن تحيا حياة روحية عميقة كما أسلفنا، وفي حالات كثيرة جداً يكون هذا هو العلاج لتأثيرات الشرير ولصعوبات كثيرة أخرى حتى من دون صلاة التقسيم.
فأترك الكاهن يشخّص حالتك وإن تبين أن هناك تأثيراً شرّيراً عليك فقبل ذهابك إلى الكاهن المقسّم إستعد بالإعتراف والتوبة والصلاة والمسبحة والقدّاس لأنه من دون هذه لن تفيدك صلاة التقسيم، وقد تغنيك صلواتك وتوبتك عنها.
#الأب أنطوان يوحنا لطوف
/خدّام الرب/