ردٌّ على بدعةٍ موصوفة: هل ننقطع عن حضور القدّاس الإلهيّ إن كان الكاهن أو الأسقف مُنحرف الإيمان؟
ردٌّ على بدعةٍ موصوفة: هل ننقطع عن حضور القدّاس الإلهيّ إن كان الكاهن أو الأسقف مُنحرف الإيمان؟
02 Nov
02Nov
قصّتان حقيقيّتان:
(أ) - سيّدنا، ماذا بعد الموت؟ - "التّربة!" (قصدُه: نموت وننتهي في القبر.)
(ب) - سيّدنا، هل نُناول القربان باليد؟ - لا يهمّ. البرشانة تدخُل الفم وتهضُمها المعدة وتخرُج إلى الخَلاء.
أسقف (أ) لا يؤمن بحياة بعد الموت، أي لا يؤمن بالله ولا بالسماء ولا بشيء.
أسقف (ب) لا يؤمن بحضور المسيح حقًّا وفعلًا، بالجسد والدّم، في سرّ الأفخارستيّا.
هل ننقطع عن حضور القدّاس:
- لأنّ المحتفل بالذّبيحة الإلهيّة "يَذكُر" ذلك الأسقف في ذكرانيّات القدّاس.
- لكي لا نكون في شركة مع الكاهن أو الأسقف الهرطوقيّ والملحد والمنحرف الإيمان؟
- لكي لا نحضر قدّاسًا "يحضر فيه الشيطان" (هكذا يزعم البعض)!
هذه المعادلة تعني:
- أنّ جميع القدّاسات التي يُقيمها كهنة منحرفو الإيمان هي باطلة و"شيطانيّة" ولا تتكرّس فيها القرابين، والمناولات فيها باطلة.
- أنه يجب عدم حضور قدّاس كهنة وأساقفة منحرفي الإيمان لكي لا نكون في شركة معهم، ولكي لا نكون تحت تأثير "الشيطان" (!) الذي يحضُر في قدّاساتهم.
بالتّالي:
- إن انحرفَ بطريركٌ عن الإيمان، فجميع قدّاساته وقدّاسات الأساقفة والكهنة التي تقام في نطاق بطريركيّته هي باطلة و"شيطانيّة" ولا تتكرّس فيها القرابين والمناولات فيها باطلة.
- جميع الأساقفة الذين في نطاق بطريركيّته يجب أن يكفّوا عن إقامة القدّاسات لكي لا يكونوا في شركة معه.
- جميع المؤمنين يجب أن يقاطعوا كلّ القدّاسات التي تقام في نطاق بطريركيّته كي لا يكونوا في شركة معه.
لكنّ هذه الفرضيّات لا تقوم على أسس لاهوتيّة صحيحةً، ولا هي صحيحة لناحية قانون الكنيسة.
مَن الذي يُقدّس القرابين؟
- "سواءً احتفلَ بالذّبيحة بطرس أو يهوذا، فالمسيح هو الذي يُقيم الذّبيحة، والروح القُدس هو الذي يقدّس القرابين" (القدّيس يوحنّا الذهبيّ الفم).
- هنا مُبالغة لأنّ يهوذا لم ينل سرّ الكهنوت، لكنّ المقصود: إن كان المحتفل بالذَّبيحة الإلهيّة ناكرًا للمسيح وعدوًا وخائنًا وطاعنًا للمسيح في الظّهر وبائعًا له بثلاثين من الفضّة.
- نحن ندخل أيّ كنيسة كاثوليكيّة من دون خوف ولا ريبة وبكلّ ثقة ونشارك في الذّبيحة الإلهيّة بكل إيمان وخشوع، بغضّ النّظر عمّن يقيم الذّبيحة.
فهل نحن نعرف جميع الكهنة؟ والكهنة الذين نعرفهم، هل نعرف فعلًا داخليّتهم وحقيقة ما يؤمنون به، لا سيّما وأنّ كثيرين من الأساقفة والكهنة يُظهرون غير ما يُبطنون؟
الأسباب اللاهوتيّة والعقائديّة والقانونيّة:
- الركيزة الأولى للمؤمنين، في إيمانهم وعبادتهم وممارسة أسررهم هو [إيمان الكنيسة] القائم على تعليم الرسل كما تسلّموه من المسيح.
- المؤمنون، من خلال الذبيحة الإلهيّة وممارسة الأسرار والصلاة والعبادة، هم في شركة مع [إيمان الكنيسة] الصحيح والسليم، من خلال تراتبيّة الكهنوت، أي من خلال قداسة البابا والبطاركة والأساقفة والكهنة الذين هم في شركة معه.
- المؤمنون من خلال الذّبيحة هم في شركة مع [إيمان الكنيسة] [من خلال] الكاهن أو الأسقف، وليسوا هم في شركة مع إيمان الكاهن والأسقف مُقيم الذّبيحة.
- [إيمان الكنيسة] هو ركيزة الذّبيحة الإلهيّة، كائنًا مَن كان الكاهن الذي يُقيمُها، شريطة أن يكون كهنوته صحيحًا،وأن يكون في شركة الكنيسة ومن ضمن تراتبيّة الكهنوت التي ذكرنا.
- فجميع القدّاسات تقام على أساس [إيمان الكنيسة] وليس على أساس إيمان الأسقف أو الكاهن، بغضّ النّظر عمّا إذا كان إيمانُه صحيحًا أم لا.
- عندما يحتفل الكاهن بالذبيحة الإلهيّة، فركيزة الذّبيحة التي يُقيمها هو [تعليم الكنيسة].
وبخلاف كلّ منطق، لكن كحقيقة ثابتة، هو في الذّبيحة التي يقيمنها يرتكز إلى، ويمثّل، [تعليم الكنيسة] وليس تعليمه الخاص، شاءَ ذلكَ أم أبى!
- هذا يعني أنّ جميع القدّاسات التي يقيمها كهنة كاثوليك من ذوي السيامة الصحيحة، هي قدّاسات صحيحة ومتساوية في القداسة، ولا علاقة لها بشخص الكاهن وقداسته.
- قد يكون الكاهن سامي القداسة، وقد يكون ضعيف الإيمان أو منحرف العقيدة. فالذبيحة الإلهيّة القائمة على [إيمان الكنيسة] هي سرّ الأسرار وأقدسها وقُدس الأقداس والمقدِّس الأوّل للمؤمنين، الذين يتقدّسون بالذيحة الإلهيّة كائنًا من كان المحتفل بها.
- يكفي أن يكون المؤمن في حال النّعمة، معترفًا بخطاياه وتائبًا عنها، وليلتمس من المسيح الحاضر في سرّ الأفخارستيّا مغفرة خطاياه والنّعمة الموافقة لخيره، ولا يشكنّ قيد أنملة في صحّة أو قدسيّة الذبيحة الإلهيّة. فقدسيّة الذّبيحة الإلهيّة لا تتغيّر بحسب لاهوت وعقيدة وإيمان وتقوى الكاهن.
بناء عليه:
- إن قداسةَ أسقف أو كاهن، مهما سمَت، أو انحرافَ عقيدة أسقف أو كاهن، لا تزيد أو تنتقص في قدسيّة الذبيحة االإلهيّة ولا يؤثّر شيئًا فيها لأنّ المسيح هو الذي يقيم الذّبيحة والروح القدس هو الذي يقدّس القرابين، وليس الكاهن.
- إنّه جهلٌ بتعليم الكنيسة ومخالفةٌ لوصاياها وقوانينها وإقلالٌ من احترام الذّبيحة الإلهيّة القول إنّه يجب مقاطعة القدّاس لأنّه باطلٌ وغير صحيح وشيطانيّ بسبب انحراف إيمان أسقف أو كاهن. لقد كان في تاريخ الكنيسة باباوات وأساقفة وكهنة نأنف من ذكر فسادهم، لكنّ [إيمان الكنيسة] لم يمسّ أبدًا، وقدسيّة الذبيحة بقيت هي هي عبر العُصور ولم تُنقَص.
- العكس صحيح: فالانقطاع عن المشاركة في الذّبيحة الإلهيّة هو خطيئةٌ جسيمة لأنّه ليس مقاطعةً لإيمان الاسقف أو الكاهن المنحرف الإيمان، بل إن الانقطاع عن القدّاس هو انقطاعٌ عن الشركة في [إيمان الكنيسة] الذي يغتذي منه المؤمنون ، خصوصًا أنّ ذلك القدّاس صحيح ويستحيل أن تنتقص قداسته، كما أسلفنا.
- نشكر الله على النّعمة العظيمة والثّمينة جدًا، وهي أنّ شخصًا واحدًا في كنيستنا، كائنًا مَن كانت مرتبته في الكنيسة، ومهما تفوّه به من تعاليم مخالفة، لا يستطيع أن يغيّر [إيمان الكنيسة] الصحيح الذي تسلّمناه من الرسل، وحدّدته الكنيسة في مجامعها وتعاليمها الثابتة والصحيحة.
بهذه القناعة يجب أن نطمئنّ كلّ الاطمئنان إلى قدّاساتنا وعباداتنا وممارستنا للأسرار المقدّسة.
متى نقاطع؟
- القطيعة واجبة في حال انشطرت جماعةٌ عن الكنيسة وإعلنت جهارًا إيمانًا يخالف [إيمان الكنيسة]، كما حصل عند الانشقاق البروتستنتي مثلًا.
- إن حصلَ، لا سمح الله، أن قامت جماعةٌ في الكنيسة الكاثوليكيّة بإعلان إيمان خاص بها يخالف [إيمان الكنيسة] كما تسلمناه من الرسل، عندها تحدث المقاطعة حتمًا، وتصير واجبة.
مع الإشارة إلى أنّ المقاطعة لم تكن يومًا على صعيد أفراد، بل على صعيد الكنيسة، في مواجهة جماعات البدع وجماعات الهراطقة.