عبارة "خميس الذكارى" لا وجود لها وليست عيداً ولا مناسبة في الكنيسة ولم نسمع بها إلّا مؤخراً جداً ولا مدلول إيماني أو لاهوتي لها ولا معنى لوقوعها في الأسبوع قبل أحد مرفع اللحم.
ومن يزعم بوجودها فليبيّن لنا ذلك من تاريخ الكنيسة وكتابات الآباء القديسين.
فقد كان الناس يستهلكون اللحم الذي عندهم قبل بدء الصوم وإبتكر بعض شاربي الخمر عبارة "خميس السكارى" مستغلّين المناسبة لشرب الخمر، فالعبارة من التقليد الشعبي.
لكن هذا لا يعني أنّ الكنيسة توافق على أن يسكر الناس فالسكر خطيئة فادحة بحسب قول الرسول بولس "لا تشربوا الخمر لتسكروا بل دعوا الروح يملأكم".
وهنا تناقض بين "المشروبات الروحيّة" وعبارة "دعوا الروح يملأكم"، أي الروح القدس.
لأنّ الروح القدس يستحيل أن يعمل في شخص سكران أو سكّير.
وليس السكر مقبولاً في الكنيسة وليس هناك مناسبة تسمح فيها الكنيسة بالسكر أو تشجّعها أو تعترف بها.
وبالعكس، في أكثر من موضع يدعو الكتاب المقدّس إلى اليقظة الدائمة :
"نبهوا أذهانكم وكونوا أيقاظا".
ففي الحياة الروحيّة اليقظة ضروريّة لمجابهة التجارب وهجمات الخطيئة.
ويندّد بولس الرسول أيضاً بما يسمّيه "القصوف في المآدب" أي ما يرافقها من سكر وهذر وهرج وكلام مشين، خصوصاً بعد أن يسكر الحاضرون، فيصير السكر مدخلاً لخطايا كثيرة.
فعبارة "خميس السكارى"، وإن كانت صحيحة، فهي تتعارض وتعليم الكنيسة.
ولا يفرحنا إطلاقاً أن يستعد بعض الناس للصوم بالسكر وما يرافقه من قصوف، خصوصاً وأنّ الخميس المشار إليه يقع في وسط أسبوع حافل بالمعاني الروحيّة العميقة، وجميع قراءات الكنيسة في ذلك الأسبوع تدعو إلى التوبة والتعفّف وتكثيف الصلاة وتعميق الحياة الروحيّة.
ورفع اللحم في الكنيسة هو علامة تقشّف وتورّع، وتحويله إلى مناسبة للسكر والقصوف لا يتوافق وتعليم الكنيسة وروحانيّتها ولا يساعد على الدخول في الأجواء الروحيّة للصوم ولا في الإستعداد له.
وكثيرون من محبّي "خميس السكارى" لا يهمّهم الصوم ولا يكترثون لروحانيّة المناسبة.
ولا تفيد محاولة تسمية المناسبة بأسماء أخرى فهؤلاء لن يكفّوا عن الإحتفال بها.
ويكفينا ككنيسة أن نوصيهم بالرزانة وأن يبقوا أيقاظاً، ذاكرين أنهم مقبلون على الصوم الكبير المقدّس أجل تطهير النفس من شوائبها والتقرّب من الله وإلتماس عفوه ورحمته.
/الأب أنطوان يوحنا لطوف/