نلتمس من قلب مريم الطاهر ، سيّدة لُبنان، حريصا ، فهي حريصة على أولادها المُؤمنين.
إنّ القلب هو مركز الحبّ وينبوعه.
بكلام للراحل البابا بندكتوس السادس عشر: قائلاً عن مريم العذراء سأئلاً مِنها أن تسكب في قلوب شعب لُبنان وشعوب بلدان المنطقة المشرقيّة التي على أرضها أعلن الله ذاته إلهًا واحدًا بثلاثة أقانيم، آبٍ وابنٍ وروحٍ قدسٍ، الله المحبّة ( ١ يوحنا ٤ / ٨ )؛ وعليها صار الإبن-الكلمة إنسانًا، وافتدى خطايا البشريّة بآلامه وموته، وبثّ الحياة الإلهيّة في المؤمنين بقيامته، وجعل ثمار الفداء والخلاص فاعلة في النفوس بالروح القدس؛ ومن الشرق انطلقت الكنيسة بدافع من الروح القدس تحمل بشرى الإنجيل السارّة إلى جميع الشعوب، وتشهد للمسيح الربّ حتى الإستشهاد، محافظة على وديعة الإيمان، وناقلة إيّاها إلى شعوب هذا الشرق المتألّم الذي جعلوه أرض النزاعات والحروب، بدلًا من أرض الإخاء والسلام.
وبتواضع يوحنّا المعمدان الذي قال عن يسوع: “عليَّ أن أنقص، وعليه أن ينمو” (يوحنا ٣ / ١٣ ).
التواضع هو أساس الفضائل، ودواء الكبرياء، التي هي أمّ جميع الرذائل؛ “فالقدير بدّد المتكبّرين بأفكار قلوبهم” كما تنبّأت مريم، “وأنزل الأعزّاء عن الكراسي، ورفع المتواضعين” .(لوقا ١ / ٥١ - ٥٢ ).
يجب التنبه إلى الكبرياء المغلّف بثوب “التقوى” والتواضع المزيّف الخارجيّ والمسلكيّ، والظاهر في التمايز عن الغير وجعل الذات قدوة يقيس عليها الانسان الآخرين.
فالمتواضع الحقيقيّ هو الذي يطيع الله في وصاياه ورسومه وتدابيره وتجلّيات إرادته، ويطيع تعليم الكنيسة، بحسب أمر الربّ يسوع: “من سمع منكم، سمع منّي” (لوقا ١٠ / ١٦ ).
الوداعة هي فضيلة بها نحتمل بسكينة شدائد الحياة ومحنها وصعوباتها، مقتدين بأمّنا مريم العذراء التي قالت “نعم” لإرادة الله يوم البشارة ، وقالتها أيضًا بالألم والخضوع للإرادة الإلهيّة في ذروة آلامها مع آلام ابنها يسوع وموته على الصليب.
فمريم العذراء بقبول إرادة الله في البشارة، أصبحت أمّ يسوع التاريخيّ، الكلمة الذي أخذ منها جسدًا بشريًّا؛ وبقبول الإرادة الإلهيّة على أقدام الصليب أصبحت أمّ يسوع السرّيّ الذي هو الكنيسة. آميــــــــن.